IMLebanon

إعادة توحيد سوريا تتناقض وبقاء الأسد نموذج المالكي ممرّ إلزامي للحلّ السياسي؟

تعرب مصادر غربية عن اعتقادها ان لا دلائل على ان روسيا طامحة الى تقسيم سوريا ولو ان قصفها استهدف المعارضة السورية التي اقتربت من مناطق نفوذ النظام وهددت بسقوطه ما ادى الى التدخل الروسي خوفا من انهيار مفاجئ للرئيس بشار الاسد. اذ ان هذا الاستهداف يساهم في رأي مراقبين في تعزيز ما يعتبره الاسد وحلفاؤه سوريا المفيدة التي تسمح له بالاحتفاظ بدمشق والخط الممتد من الحدود اللبنانية الى الساحل السوري او ما يعتبره البعض “الخطة ب” البديلة من قدرته على استعادة السيطرة على كل الاراضي السورية. لكن ذلك لا ينفي في رأيها واقع ان التقسيم غير مطروح من حيث المبدأ ولا يزال يجري البحث عن حل متكامل لسوريا موحدة. لكن بحسب هذه المصادر وفي موازاة عدم وجود مؤشرات على النية الروسية في تقسيم سوريا، تسري معادلة واقعية باستحالة اعادة توحيد سوريا تحت رئاسة الاسد. ذلك ان اعادة توحيد سوريا يناقضها بقاء الاسد في السلطة باعتبار ان الثورة انطلقت ضده في الاساس ولو تمت عسكرتها لاحقا وسيكون صعبا جدا ان لم يكن مستحيلا اعادة تبليع الغالبية السنية حكمه مهما كان الدعم الخارجي له ما لم تكن هناك صيغة جديدة للحكم تجعل وجوده برتوكوليا او صوريا ولمرحلة محددة. والنموذج العراقي الذي تمثل في اضطرار الولايات المتحدة وايران الى الاستغناء عن نوري المالكي ولو لمصلحة شخصية اخرى من حزبه يمكن ان تساهم في تهدئة الخواطر بعض الشيء وتوحي بامكان وجود فرص لاعادة توحيد العراق فيما لو قام بالخطوات اللازمة او سمحت له ايران بذلك، وهو ما ليس واضحا حتى الان، يحتم ان ينسحب على سوريا حيث باتت شخصية الاسد عائقا امام بقاء سوريا موحدة او اعادتها على هذا النحو. ففي ظل محاولة التفاوض عسكريا على مصير الاسد او السعي الى اخراجه من دائرة التفاوض عليه على نحو مسبق، يعتبر كثر ان الدول التي طالبت مبكرا برحيل الاسد وتحاول ان تلاقي الروس في منتصف الطريق راهنا في شأن مصير الاسد من اجل الوصول الى حل سياسي في سوريا تستطيع ان تتحمل اخلاقيا ومعنويا بقاء الاسد في السلطة من ضمن تسوية سياسية معينة باعتبار انه في ظل تداول السلطة في الدول الغربية الديموقراطية وتغير الادارات فيها ، فان ادارات جديدة تبدو اقدر على تجاوز التزامات سابقة لدولها. في حين يرى مراقبون آخرون ان اي رئيس دولة لن يمكنه في حال تعويم الاسد واعادة تأهيله سياسيا تحمل مسؤولية مصافحة او استقبال رئيس يحمل على اكتافه مسؤولية ما قد يقارب او يتخطى نصف مليون قتيل سوري متى انتهت الحرب وظهرت الارقام الحقيقية لاعداد الضحايا والمعتقلين والمختفين، هذا في حال وضعت الحرب اوزارها الان

يستسهل كثر في رأي المراقبين المعنيين الكلام على اعادة تأهيل الاسد او تعويمه في حين ان المعلومات المتوافرة لدى جهات عدة لا تفيد بذلك ، وفي اعتقاد هؤلاء ان الامور سرعان ما قد تستتب له كما في السابق. وهذا ليس صحيحا نتيجة اعتبارات كثيرة اقلها وفق هذه المعلومات لان ذلك ينطوي على تبسيط كبير اذ يفترض ان الامور في سوريا ستعود الى سابق عهدها ما قبل 2011 فور وقف المعارك. اذ ان روسيا كما ايران تدركان جيدا ان من يواجه الاسد ليس ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية بل غالبية عظمى من الشعب السوري انتفضت على استمرار نظامه وعلى الظلم ولو لم تقرا بذلك علنا. ثم ان النظام الذي قام على الهيبة الامنية المخابراتية قد اصيب بالكثير على مستوى الاجهزة التي باتت تعاني في هيكليتها ونسيجها من جهة وقد سقط الكثير من اعمدته التي استند اليها خلال اعوام طويلة لتدعيم سلطته المخابراتية. كما ان اعتماده على مساعدة ايران من جهة ومعها ميليشيات ايرانية ومن العراق ولبنان ثم على روسيا من اجل انقاذه من الانهيار واعادة ضخ جيشه بالعزم والقدرة على استئناف القتال وعدم التراجع امام المعارضة قد هزت بقوة صورة رئيس بات استمراره رهنا بالقوى الخارجية وليس بقوته الذاتية التي تهاوت او هي على وشك ان تهوي. وبالعودة مجددا الى تجربة المالكي الذي دعمته ايران بقوة وكذلك الولايات المتحدة مما اكسبه شرعية خارجية الى جانب شرعية داخلية من القوى الشيعية فان سوريا قد لا تختلف مع دعم ايران للاسد ودعم روسيا له من جهة اخرى، وهو امر لن يكون كافيا لاكتسابه شرعية داخلية على الاقل بحيث تبقى سوريا في ظل بقائه مضطربة وغير مستقرة في حال هدأت الحروب بناء على انهاء داعش مثلاً.

الرئيس الروسي توقع ان يبدي الاسد استعداده لحل وسط في شأن مستقبل سوريا على وقع التدخل العسكري الروسي المباشر لانقاذه، ولم تتوقف اي عاصمة او اي مسؤول دولي عند هذا الاعلان. واذا كان المقصود بالحلول الوسط وفق هذه المصادر هو ما يمكن ان تجنيه الدول المنخرطة في الحرب السورية، فقد يصح ذلك انطلاقا من انه لا بد من حل يرضي جميع الاطراف ويحفظ مصالحهم. لكن المسألة لم تعد استعدادات الاسد، بل وجوده كاشكالية للخسارة او الربح في سوريا وفقا للمحاور الدولية والاقليمية المتصارعة في سوريا.