IMLebanon

إستعراض.. للضعف!

ما الغريب في أن يستعرض «حزب الله» قواته العسكرية في القصير السورية، طالما أنه «يقاتل» في «القطر الشقيق» منذ سنوات وتكبّد ويتكبّد خسائر بشرية فاقت من زمان جملة خسائره في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان على مدى ربع قرن؟!

هذا فرع من ذلك الجذر، ولا شيء فيه يستدعي كل هذا الانشداه!

لو كان الأمر عكس ذلك لكان اللطم جائزاً ووارداً. أي لو كان هذا الاستعراض إشارة أو تحضيراً للانخراط في نكبة السوريين لأمكن الدقّ على الصدور وإطلاق الصوت على مداه. لكن واقع الحال غير هذا. والدم واصل إلى الرِكب. والنكبة في ذروتها!

ومع ذلك، فإنه استعراض لا يخلو من الغرابة. أولاً لأنه عُدّ أكبر تجمّع من نوعه لعسكر «حزب الله» في سوريا، في نقطة جغرافية واحدة من دون الخشية من «العدو الإسرائيلي» واحتمالات إغارته بالطيران الحربي عليه! وثانياً لأن إيران لم تجد غيره لتوجيه رسالة ردّ على الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب وطروحاته وطروحات «مستشاريه» التي تتوعّد بتقليم أظافرها في المنطقة وترفض «استطراداتها» الميليشيوية التي يُعتبر «حزب الله» أبرزها وأكثرها قوة وانتظاماً وولاء!

وكان لا بد من ردف الرسالة الميدانية في القصير بواحدة من طهران وعلى لسان وزير الخارجية محمد جواد ظريف بنفسه! وهو الذي قال بالأمس إن «حزب الله» يُعتبر اليوم «عامل أمن واقتدار في العالم الإسلامي».. وهذا رأس الديبلوماسية الإيرانية وليس أحد جنرالات «الحرس الثوري«، ما يعني أن توعّدات ترامب مأخوذة على محمل الجدّ من قِبَل الإيرانيين في الإجمال، ولا يُنظر إليها باعتبارها واحدة من نوباته (وتناقضاته) التي ظهر منها الكثير خلال الحملة الانتخابية!

«وظيفة» الاستعراض العسكري لا تتعدى هذه النواحي (والله أعلم!) لكن ذلك في كل الأحوال لا يخفف من مأزق الحزب وورطته في سوريا. وهو الذي دفع ويدفع أثماناً مهولة بشرياً ومعنوياً وسياسياً وقيمياً من دون مردود مواز وجامد! بل إنه في اللحظة التي اصطف فيها الأميركي والروسي (والإسرائيلي) في سياق حربه ذاتها، أي ضد الشعب السوري ومع بشار الأسد، يجد نفسه خارج المعادلة! وأكثر من ذلك: «موعود» بوضعه في مقدم الأظافر الإيرانية المطلوب (حسب ترامب) تقليمها في عموم المنطقة.. بما فيها لبنان بالمناسبة!

.. وقد يكتشف في يوم قريب، أنه بالفعل لاعب صغير في ملعب أكبر منه! وأن بشار الأسد سيكون أول ناكري جميله إذا كان ذلك ثمناً لإرضاء ترامب! وأن روسيا لن تتشردق به طالما أنها تزغرد لانتصار «مرشحها» في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وهذا يعِدها بالسير معها كتفاً إلى كتف! عدا عن أنها تضع علاقاتها مع إسرائيل فوق أي اعتبار إقليمي آخر وبالتأكيد فوق أي مصدر خلافي! بل ربما تجد إيران نفسها أمام معادلة الاختيار بين أمنها القومي كدولة و»ثورة» وبين طموحاتها الخارجية وأدواتها العاملة على تلك الطموحات! مثلما أنها قد تكتشف أن اصطفافها في حلف متعدد الهويات والأقوام ضد العرب والأكثرية الإسلامية، لا يكفي للتغاضي عن سياساتها وتاريخها الحديث وأدوارها الخارجية المقلقة وغير الموثوقة!

أليس من الأفضل والأسلم لهذا الحزب أن يسبق الجميع ويعود إلى لبنان، فيحقق بذلك «انتصاراً» مشهوداً من خلال تملّصه من الفخّ السوري (وغير السوري!) قبل فوات الأوان؟! أم أنه لا يقبض كثيراً خبرية «الثور الأبيض»؟!