Site icon IMLebanon

يلعنون قانون الـ60… ويعملون لإبقائه!

انتهت الانتخابات البلدية والاختيارية بنجاح يُسجّل لوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي قادَ العمليات الانتخابية بسلاسة مدعوماً بقرار سياسي جامع اتخذه الجميع، رغم تنغّص البعض، بخوض هذا الاستحقاق البلدي الذي وجدوا أنه لا بدّ منه كإختبار ضروري قبل الذهاب الى الاستحقاق النيابي.

ينتظر أن تنصرف القوى السياسية في قابل الايام الى تقويم الاستحقاق البلدي وما حقّقته فيه من مكاسب وما أصيبت به من خسائر لتبني على الشيء مقتضاه في الاستحقاق النيابي المقبل والذي كان ولا يزال يتجاذبه خياران: إجراؤه في حينه على اساس القانون النافذ، أي قانون الدوحة او قانون 1960، اذا تعذّر الاتفاق على قانون جديد وفق «إتفاق الطائف» وروحيته، او إجراؤه على اساس قانون جديد لا بد من التوصل اليه مهما كلف الأمر، أولاً لأنّ القانون النافذ يخالف «الطائف» نصاً وروحاً، وثانياً لأن كل القوى اختبرت قانون الستين، حتى التي كانت رأس الحربة في المطالبة به أيام مؤتمر الدوحة وقبله، وخرجت بنتيجة مفادها أنّ هذا القانون بات لا يصلح لتطوير الحياة السياسية والنظام السياسي في البلاد، وأنّ الواقع يفرض الدفع في اتجاه إنتاج قانون يؤمّن للبنانيين عدالة التمثيل وشموليته في مجلس النواب.

ويلاحظ المراقبون أنّ جميع الأفرقاء السياسيين يلعنون قانون الستين النافذ كلّما جاؤوا على ذكره، ويؤكدون رفضهم الاستمرار فيه، ولكنّ بعضهم يضمر ضمناً مواقف تُؤيّده ولا يرى غضاضة في خوض الانتخابات النيابية المقبلة على أساسه، ولكنّهم يُشدّدون علناً على إقرار قانون جديد ويريدونه أن يُحقّق لهم ما حقّقه قانون الستين من فوز بالاكثرية النيابية عام 2009، وهذا الوضع ينطبق على فريق «14 آذار» الذي فاز يومها بتلك الاكثرية وكان معه في هذا الموقف المؤيد لقانون الستين، «التيار الوطني الحر» على رغم الانفصال السياسي الذي حصل بين الجانبين وحصول التفاهم بين التيار و«حزب الله» في 6 شباط 2006.

ويقول البعض إنّ القانون المختلط الذي توافق عليه تيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي والذي يقضي بإنتخاب 66 نائباً على اساس النظام الاكثري و62 نائباً على اساس النظام النسبي إنما يُفضي الى فوز اصحاب هذا المشروع و»14 آذار» عموماً بالاكثرية النيابية، وقد تبين هذا الامر من خلال «بوانتاج» أجرته جهات نيابية مختصة ونواب في فريق «8 آذار».

وهذا الامر لا يُخفيه رئيس مجلس النواب نبيه برّي امام زواره عندما يجري مقارنة بين مشروعه المختلط وبين المشروع الآخر، ويرى أنه لا يجوز أن يذهب الجميع الى الانتخابات وهم يعرفون النتائج التي ستُسفر عنها مسبقاً. ويؤكّد برّي مراراً لزائريه والسائلين أنّ مشروعه المختلط الذي يقضي بإنتخاب نصف اعضاء المجلس على اساس النظام الاكثري والنصف الآخر على اساس النظام النسبي يُلبّي أولاً تطلعات المسيحيين لجهة انتخاب نوابهم من دون تأثيرات الطوائف والقوى الأخرى، بحيث أنه يمكّنهم من انتخاب 52 نائباً مباشرة من اصل 64 نائباً، أما البقية فإنهم يتبادلون انتخابهم مع بقية الطوائف في بعض الدوائر، بحيث ان هذا المشروع لا يمكّن أيّ فريق من الفوز بالاكثرية النيابية ويساعد على بروز كتلة نيابية وسطية او مجموعة نواب مستقلين ووسطيّين مطلوب وجودهم لإقامة التوازن المطلوب في الحياة السياسية وعلى مستوى القرار الوطني.

لكنّ المؤشرات السائدة تدل الى أنّ امكانية التوافق على قانون انتخاب جديد ليست متاحة حتى الآن، لأنّ بعض القوى السياسية الاساسية لا تُبدي حماسة فعلية وكأنها تريد اضاعة الوقت وإعاقة التوصل الى مثل هذا القانون طالما أنه لا يضمن لها الفوز بالاكثرية النيابية حتى إذا حلّ موعد الانتخابات ولم يكن قد أُقرّ قانون جديد تجرى على اساس القانون النافذ أي قانون الستين.

والواقع أنّ هناك خشية فعلية لدى كثيرين من عدم التوصل الى قانون جديد وصيرورة الاستحقاق النيابي الى الانجاز على اساس القانون النافذ، خصوصاً أنّ بعض الذين يؤيدون النسبية علناً يرفضونها ضمناً ويدركون أن لا مجال، بل إنه لم يعد مقبولاً بكل المعايير عدم انتخاب مجلس نيابي جديد وتمديد ولاية المجلس الحالي مجدداً خصوصاً بعدما سفهت الانتخابات البلدية والاختيارية كل الذرائع التي سيقت لإجراء هذا التمديد عامي 2013 و2014.

ولذلك ينتظر أن تشهد المرحلة المقبلة سباقاً بين أولويتي الانتخابات الرئاسة والانتخابات النيابية والقانون الذي ستجرى على اساسه، في وقت يبدو الافق الاقليمي والدولي مقفلاً أمام حلول قريبة لأزمات المنطقة، وفي مقدمها الازمة السورية.