لا يحتمل الخبر التأويل. تخلي مختارين في دائرة بيروت الأولى عن النائب ميشال فرعون الذي رشحهما وانضمامهما إلى صفوف غريمه الكاثوليكي، رئيس مجلس إدارة سوسييته جنرال أنطون صحناوي، يعني أمراً واحداً: الصحناوي نزل على الأرض… و«ثورة الأشرفية آتية»!
حتى البارحة، كانت الأضواء تتسلّط على رئيس مجلس إدارة سوسييتيه جنرال أنطون صحناوي، حين يرفع مدير ماكينته الانتخابية ميشال جبور سقف الكلام في وجه النائب ميشال فرعون وحزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، خصوصاً عند كل استحقاق انتخابي… لكنها لا تلبث أن تخفت بعد ذلك.
إلا أن «الحدث» الذي شغل الأشرفية في اليومين الماضيين، بعد الاستحقاق الرئاسي، سيبقي اسم صحناوي على ألسنة أبناء المنطقة إلى حين. مختاران من مخاتير فرعون الستة، هما ناجي صالحاني (الرميل) وفارس مراد (الاشرفية)، أعلنا أول من أمس التحاقهما بغريمه صحناوي. والسبب، «سياسة الزواريب ونقل التحالفات من اليمين إلى الشمال»، أي من 14 آذار إلى التحالف مع التيار الوطني الحر «كرمى لمقعد نيابي»، بحسب رسالة خطها صالحاني الذي يعمل مع فرعون منذ عشر سنوات، ونشر بعدها صورة له أمام صورة كبيرة لصحناوي مذيلة بعبارة: «خيارنا الوحيد الأشرفية».
والمختار الثاني هو فارس مراد الذي سماه فرعون وزكّاه حزب القوات اللبنانية بعد تنفيذه شرط الانتساب إليه، ليكون مرشحاً مشتركاً بين الحزب والوزير. ولعائلة مراد أهمية ووجود تاريخي في الأشرفية، وغالباً ما يشاع أن شبابها من القبضايات، وأبرزهم «الحج مراد» ذو الشاربين الطويلين الذي لا يزال يسكن بيتاً حجرياً قديماً قرب ساحة ساسين.
هكذا، تمكن صحناوي الذي قاطع الانتخابات البلدية الأخيرة بسبب «تحالف الأحزاب ضد الأهالي» من استمالة مختارين لمصلحته من دون الحاجة إلى الانتخابات، على أن يستميل القسم الأكبر من الـ26 الباقين «قبل نهاية العام»، على ما يؤكد ميشال جبور لـ»الأخبار». والسبب أن الأشرفية «شهدت أخيراً على انهيار باقي القوى الحزبية، فيما كنا على المقلب الآخر نمدّ أيدينا للأهالي وهم يقتربون منا».
لصحناوي اليوم 6 مراكز لمساعدة الأهالي في أحياء كرم الزيتون والسريان وحيّ بيضون وحوش مار متر والرميل والجعيتاوي. وهو ينوي افتتاح مطعم الشهر المقبل في كرم الزيتون يقدم وجبات غذائية مجاناً لنحو 300 شخص يومياً. يؤكد جبور أن المكتب الذي يديره بدأ بمساعدة 100 عائلة عام 2009، ليصل اليوم إلى 6200 عائلة، بينما الآخرون «لم يقدموا علبة كبريت للأشرفية منذ 7 سنوات». ويضيف: «مقولة علّمنا كامل موجودة في الأشرفية وما بقا ظابطة مع فرعون ولا مع القوات والعونية». وينفي جبور أن تكون لهذه المراكز غايات انتخابية، مؤكداً أن «لا أنطون ولا والده يفكران في النيابة أو الوزارة». ولكن ذلك لا يعني «أننا لن نشكل وندعم لائحة كاملة في الانتخابات المقبلة، سواء جرت وفق قانون الستين أو النسبية». المقاتل الكتائبي السابق يؤكّد أن فرعون «انتهى في الأشرفية» و»لن نتبنى مرشحين فاقدين للشعبية، ومن لا يخدمون المواطنين، بل يريدونهم موظفين. أنصحه بالترشح في جزين ربما يحالفه الحظ أكثر هناك. الانتخابات البلدية الأخيرة تشهد على تدميرنا للأحزاب والسياسيين عبر حثنا الأهالي على المقاطعة بحيث لم يقترع سوى 5%». ويختم جبور: «ثورة الأشرفية آتية».
على المقلب الفرعونيّ، تأكيدات بأن لا مشكلة بين الوزير الكاثوليكي وصحناوي. المشكلة الرئيسية هي شخصية بين «الصحناويين، أنطون ونقولا والوالدين نبيل وموريس، والنائب ميشال عون». التحالف الكبير في البلدية «فرض علينا تضييق الخيارات والتضحية ببعض المرشحين، ومنهم مرشحو أنطون». لذلك، قامت الدنيا على فرعون، ويبدو أنها لن تقعد قريباً. وتشير المصادر المقربة من الوزير الى أنه «أغلب الظن ضُغط على صالحاني مالياً، خصوصاً أنه لم يسدد بعد القرض» الذي سحبه من «سوسييتيه جنرال» . لا ترغب المصادر في التوسع أكثر، فـ «استطلاعات الرأي كفيلة بإسكات الأصوات الشاذة، وما حلول فرعون أول بدوبل سكور عن المرشح الذي يليه إلا دليل على التضليل الحاصل».
كان يفترض عقب الانتخابات البلدية الأخيرة وما رافقها من تحالفات مستجدة بين التيار الوطني الحر والقوات وفرعون أن يحسم المشهد الانتخابي باكراً. إلا أن دخول مكتب صحناوي على خط صانعي اللوائح ونزوله على الأرض من جهة، ونية «بيروت مدينتي» تشكيل لائحة خاصة من جهة أخرى، كفيل اليوم بإحباط خطط الربح المضمون وربما تهديد لائحة تحالف الأحزاب إذا أكمل أهالي الأشرفية ما بدأوه منذ خمسة أشهر في الانتخابات البلدية.