عيـنٌ على الـحُكْمِ أوْ عيـنٌ على البـلدِ يا حُكْـمُ مثلَكَ ، لا واللّهِ لـمْ أجِـدِ . ج . هـ .
لا تـثُوروا … ناموا على حريـرِ الدولة …
رئيس الحكومة وعَـد … ومثلما أنّ بَيْـضَ الحرير الذي نقَـلَهُ راهبانِ من الصين مهـرَّباً في عصَا من القصب ، فَعمَّـتْ صناعةُ الحرير لبنان … هكذا سينقل دولتُهُ الحريرَ من الصين إلى لبنان في عصا ” الكورونا ” .
ومثلما أنَّ المهاجرين القدماء إلى البرازيل كانوا يبيعون السكَّان هناك تراباً برازيلياً ويدَّعون أنه من القبـرِ المقدّس .. فاغتنـوا .
هكذا ستؤمِّـنُ الدولة أموال اللبنانيين من تراب قبورهم .
لو أنّ هذه الحكومة “المستقلّة” لم تكنْ وليدةَ أرباب الفساد وظـلاً لهم …
ولو أنّ رئيس الحكومة حقاً ، “لم يكن منهم ولن يكون” .. كما يقول ، بل كان منهمْ جداً : في القرارات والتعيينات والتشكيلات والتلزيمات والممارسة والمحاصصة والإستسلام للمشيئات .
لوْ لـمْ يكنْ منهم حقاً ، لما كانت هناك ثـورة …
ولَـوْ أنّ هذه الحكومة – تجرَّأَت على تسميةِ فاسدٍ واحدٍ من الكبار ، وعلى توقيفِ مرتكبٍ واحدٍ مـمَّنْ أُتْخِـمَتْ بهمْ مئاتُ الملفّات المحنَّطـة في أحضان “إبراهيم” .
لـمَا كانت هناك ثـورة …
ولو أنّ رئيس الحكومةِ – ولو على سبيل التهويل – قال بلسان الحجّاج بن يوسف : “إني رأيتُ رؤوساً قـدْ أينعتْ وحانَ قطافها” ..
لكانت هناك ثـورةٌ عارمةٌ معَـهُ ودعماً لَـهُ … ولكان دولة الرئيس قد صنَّف نفسه رجـلَ دولةٍ في نادي رؤساء الحكومات ، لا رجُـلاً لأصحاب الدولة .
ولكنّ ، عندما يتخطى الأمر الواقع المعيشي ليعرّض أركان الوطن للإهتزاز ويهدّد المصير الوجودي ، في ظـلِّ دولة مفكَّكة ومسؤولية ضائعة وحكومة مرتهنة واقتصاد منهار ومال منهوب ، وأشباح الموت تطارد الجياع .
إذْ ذاك ، إنْ لَـمْ تكن ثـورةٌ تحتضن الثائرين ، فقد يصبح اليأس والجوع أسوأَ أنواع العنف ، كما جاء في الفصل الرابع عشر من سفْـر الملوك في الكتاب المقدّس :
“… وثار الشعب للنهب وأخذوا غنماً وبقَـراً وعجولاً ، وذبحوا على الأرض وأَكل الشعب بالدم …”
وإذا كان أهل الإختصاص في علم المال والإقتصاد والسياسة والإجتماع يـرَوْن أنَّ إنقاذَ الدولة يكون باللاَّدولة أو بدولة العصابات ، فليقولوا لنا كيف …
وإلاّ فلتكن هناك ثـورة …
ولكن .. أين أنتِ أيتها الثورة ، من تحطيم بيروت …؟
بيروت ، تلك الصبيّة التي انتفضتْ في وجْـه الغزو الإسرائيلي وعلى جبينها أملٌ أخضرُ وملامحُ نصر ، وعلى محيّاها غبـارٌ يُشرق خلفه المجد .
بيروت : شقيقـةُ المـدن التاريخية الثائرة في صور وصيدا …
صورُ : المتمرّدة في وجـهِ الإسكندر وقـد انتفضتْ مـن الرُكامِ مدينةً للآلهة .
صيدا : المنبثقة حيّـةً من لـهَبِ النار على أيدي شعوب البحر .
وطرابلس : التي اسّسها الفينيقيون في القرن الثامن قبل الميلاد فكانت عاصمة الإتحاد الفينيقي مع صور وصيدا ، بل كانت الحاضنة التاريخية للوحدة بين اللبنانيين .
إنْ تكُـنْ ثورة … فلتكن ثورةُ الثائرين حضاريةً متمدنةً على مستوى تاريخهم الحضاري .
بهذا يكون إنقاذُ مصيرهِم بيدهم ، وما مِنْ يـدٍ أخرى إلاّ يـدُ الله فوقها .
– ملاحظـة : ج . هـ . = كاتب هذا المقال .