Site icon IMLebanon

«اللُّقمة» خطّ أحمر  

 

فيما كانت شاشات التلفزة تنقل للبنانيين المشهد من قصر بعبدا، وفيما كان رئيس البلاد يتحدّث عن «الخطّ الأحمر» والأمن فيما الذين يلتفّون على مائدته هم فريق «السّلاح» سواء كان اسمه «سلاح المقاومة» أو «سلاح سرايا المقاومة»، كان الدولار يقترب من عتبة الـ 7000 ليرة، وفيما كان يتهافت كثير من الحاضرين في بعبدا أمام ميكروفونات الشاشات كان المواطنون اللبنانيّون يحاولون إيصال صرختهم في الشّارع، كأنّ الوقت لا يزال يحتمل «التّنظير» السياسي و»مخادعة» المواطن اللبناني، حكومة خطاب رئيسها متهافت مليء بالخداع والهروب من الأزمة، وهو مصدّق أنّه يملك حظوظ تصديقه من قبل اللبنانيّين!!

 

لا أحد يستطيع أن يجيب اللبنانيين عن سؤالهم على مصيرهم ومصير أولادهم لا يوجد مسؤول واحد يستطيع أن يقدّم إجابة واحدة صادقة عن غد لبنان ومواطنيه، حسناً، وإن اشتعلت الشوارع مجدداً سيكون الذين يصرخون باسم الثورة قلال، ولا نستطيع أن نكمل هكذا على هذا المنوال فالقلّة التي ستحتشد في الشوارع ستطالب الـ»قاعدين» في بيوتهم أن ينزلوا إلى الشارع، و»القاعدين» سيبقون جالسين على كنباتهم يتابعون الشاشات عندهم شبه يقين أن لا شيء سيتغيّر فكلّهم أسوأ من بعضهم بعضاً!!

 

بالأمس رافقت شقيقتي في زيارة تسوقيّة لحاجيّات المنزل، استطعت أن أفهم لمَ يغيب اللون عن وجهها وتصبح ملامحها جامدة ونظرتها باردة وهي خارجة من مكان التسوّق، غالباً أنا لا أفهم في مواضيع الاهتمام بشؤون المنزل وحاجيّاته، بالأمس طاردتني جملة «الأمن خط أحمر» فيما رفوف كثيرة في السوبر ماركت فارغة، ينظر المتقابلون من دون سابق معرفة لبعضهم بحسرة، كلّ مواطن يقف أمامها عاجزاً. صار الذّهاب للتّسوق يكلّف المواطن اللبناني ثروة يملكون القليل منها، أهمّني وألقى بي في إحباط شديد تساؤلي: ماذا يطعم اللبنانيّون أبناءهم، حتى أكل الفقير من عدس وحمص وأرز وبرغل أسعاره أكبر من طاقة الفقراء بكثير!!

 

لم يعد أمام اللبنانيّين فرصة أخيرة حتى ليغضبوا لحقّهم وكرامتهم وأن يرفضوا الذلّ الذي يُسقى لهم ولأولادهم أقداحاً أقداحاً، لم يعد أمام المواطن اللبناني ترف استنزاف الوقت في حشد التظاهرات اليوميّة وحشد الشوارع وإحراق الإطارات وقطع الطرقات الأمرُ أعجل من ذلك، نحن فعلاً ذاهبون باتجاه مجاعة إن لم نكن دخلنا في نفقها، ولم يعد مقبولاً أبداً تضييع الوقت على هذه الشاكلة، إذ لا يُردّ على اجتماع بعبدا ومحاولته الهروب إلى الأمام إلا بأنّ لقمة المواطن اللبناني هي «خطّ أحمر»، وأنّ كل مسؤول يتجاهل الواقع اللبناني المرير ويضيّع وقت اللبنانيّين ويكذب عليهم بأنّه يفعل شيئاً من أجلهم لا يستحقّ أن يبقى دقيقة واحدة في منصبه لأنّه زوّر ومخادع!

 

هل يجدي استئناف الثّورة نشاط اندلاعها والعودة إلى الشّوارع والسّاحات من جديد، نشكّ في ذلك، هل بإمكان هذه المنظومة السياسيّة الوقحة أن تنقذ لبنان وشعبه، بكلّ تأكيد لا، فأي حلّ يحتاجه اللبنانيّون؟ فعلاً الحلّ في أن تتنحّى هذه السلطة بأكملها هذا الطاقم الذي لم يشبع من أرزاق اللبنانيّين ولا من نهب دولتهم بعد والذي يسعى لاستمرار سيطرته على مفاصل البلاد عبر الإدارة والتعيينات، والجديد القمع والتخويف والترهيب، الحلّ الوحيد الذي ينقذ المواطن ولقمته وأولاده ومستقبلهم هو في إزاحة هؤلاء عن كراسيهم مجردّ بقائهم على كراسيهم هي أكبر الكوارث النّازلة بلبنان!!