العتم والحرّ عذابان اجتمعا على ليالي اللبنانيين ونهاراتهم، بفعل أحجية باخرة الفيول أويل المغشوش التي أدخلت الكهرباء في نفق مظلم، وبفعل وزير طاقة لا يتردّد في أن يقول للبنانيين أن المازوت يتبخّر، ولا يظنّن أحد أنّ أي تحسّن سيطرأ على برنامج التقنين يعني أن تعذيب اللبنانيين انتهى، مع أوّل موجة حرّ تتجاوز الـ 40 درجة سيعيدوننا إلى التقنين معلنين عن موجة أعطال هذا من دون الحديث عن موجة الحرائق التي ستفضح حجم المأساة التي يعيشها لبنان!!
لم يعد يجدي استئناف الثّورة نشاط اندلاعها ولا العودة إلى الشّوارع والسّاحات من جديد، نشكّ في ذلك، هل بإمكان هذه المنظومة السياسيّة الوقحة أن تنقذ لبنان وشعبه؟ لم يعد الحلّ في تنحّي هذه السلطة أبداً، الحل في ضغط شعبي لبناني واسع يلاقي دعوة غبطة البطريرك بشارة الراعي في دعوته إلى تطبيق سياسة الحياد لحماية لبنان، لم يعد أمام اللبنانيين سوى هذا الخيار الأخير لتحريك الأفق وفتح طاقة ضوء علّها تنقذهم وتنقذ البلاد، إن كان لا يزال الإنقاذ ممكناً.
بالكاد أمام اللبنانيّين فرصة أخيرة ليغضبوا لحقّهم وكرامتهم وأن يرفضوا الذلّ، لم يعد المواطن اللبناني يملك ترف استنزاف الوقت في حشد التظاهرات اليوميّة وحشد الشوارع أو إحراق الإطارات وقطع الطرقات غضباً نحن ذاهبون باتجاه نهاية لبنان الكبير إن لم نكن دخلنا في نفقها، ولم يعد مقبولاً أبداً تضييع الوقت على هذه الشاكلة، نحن أمام مسؤولين يتجاهلون الواقع اللبناني المرير ويضيّعون وقت اللبنانيّين ويكذبون عليهم، نحن أمام حكومة ووزراء يدّعون أنهم يفعلون ما لا يفعل للبنانيين، حكومة العجز هذه لا تستحقّ أن تبقى دقيقة واحدة في الحكم!
لم يعد بإمكان لبنان أن يتحمّل عبء الارتماء نهائياً في الحضن الإيراني ومحور الممانعة، الذي لا تزال إيران تحاول جرّ النّصف اللبناني الرّافض لأجنداتها ومخططاتها للبنان والمنطقة وهذا النصف يقاوم بالكلمة السياسية المسالمة الرغبة الإيرانية العارمة في فرض نظامها على لبنان، هذه الأزمة الكبرى تبدو الأخيرة التي يعيشها لبنان الكبير، والتي نشكّ كثيراً أن تكون دولته قادرة على الاستمرار أو الوصول إلى 1 أيلول يوم الذكرى المئوية لولادة «دولة لبنان الكبير» وكلّ الخوف أن نحتفل بوأده!
باختصارٍ شديد وذهاباً إلى الهدف مباشرة لن يرتدع حزب الله عمّا يقوم به، والحزب الّذي أرسل آلالاف الشباب الشيعة اللبنانيّين ليموتوا وتراق دماؤهم دفاعاً عن نظام بائس قاتلٍ مجرم، والحزب الّذي ضحّى بهذه الأرواح والأعمار لن يجد حرجاً في أخذ لبنان إلى خرابٍ عميم من أجل استمرار مشروع إيران في لبنان!
يحتاج لبنان جدّياً ـ إن استطاع الحصول على مطلب «الحياد» ـ الذّهاب وتحت رعاية دولية إلى انتخابات بقانون حقيقي غير مفصّل على قياس السّاسة أنفسهم ينزله عن صليب «الثنائية الشيعيّة» التي فرضت نفسها عليه بقهر السلاح حتى صادرت الرئاسات الثلاث وعنوة.. نسأل الله أن يلطف بنا وبوطننا الذّاهب إلى مجهولٍ قاتم السّواد بعد أن أنهكته الاحتلالات المتوالية انتهاء بالاحتلال الإيراني الذي أريد لنا دائماً أن نصدّق أنّه «صديق» للبنان و«للعرب» أيضاً!!