IMLebanon

إنتصار «الأميركية» يرد الروح وتحضير لـ«اليسوعية»

الانتفاضة للمّ الصفوف.. وبحث تحرك في «الإستقلال»

 

قدمت نتائج الانتخابات الطلابية الأخيرة في «الجامعة الأميركية» دليلاً جديداً على تغيّر الزمن منذ تاريخ 17 تشرين من العام الماضي، من دون الذهاب الى استنتاج تبدله الذي يحتاج الى أجيال عديدة ونضالات لا تنتهي.

 

بوجهة النظر هذه يحاجج القيمون على مجموعات الانتفاضة الشعبية وحسبهم أن تلك الانتخابات جاءت متقاربة مع تلك التي جرت في «الجامعة اللبنانية الأميركية» قبل فترة، في ما يشكل مقدمة لتغيير منشود في الانتخابات النيابية سواء جاءت مبكرة أو في موعدها.

 

وبدا بعد أشهر من اندلاع الحراك الشعبي أن الدفق العام للناس في الشوارع يحتاج الى حدث ما قد يكون عماده ارتكابات السلطة أو فسادها وسوء قراراتها، وهو ما أثبتته فورة الناس في ذلك التاريخ حين أقدمت السلطة على فرض ضرائب مُستغربة على اللبنانيين.

 

لكن الظروف الموضوعية وتلك التي عصفت بالبلاد وخاصة هبوب جائحة «كورونا»، تجمعت لكسر الاندفاعة الشعبية وسط لامبالاة اللبنانيين الذين خبروا منذ الحرب الأهلية المآسي و.. وللأسف تأقلموا معها.

 

إنسحاب الأحزاب خشية خسارة مذلة

 

لكن «الثورة» التي تكمن في النفوس تمظهرت في انتخابات «الأميركية» التي حصل فيها المتعاطفون مع الانتفاضة مثل «النادي العلماني» الذي تأسس قبل 12 عاما، الكتلة الاكبر في مجلس الطلاب إضافة الى المستقلين وغير الحزبيين، وإن لا يمكن اعتبارها مقياسا لمدى التغيير المأمول من قبل المجموعات، فهي جامعة مصنفة نخبوية وذات طابع غربي، لكن ظفر المتعاطفين مع البيئة العام للانتفاضة بغالبية المقاعد يخبر عن مزاج عام للطلاب لا شك أنه يقدم بعض المناخ المتغير في البلاد.

 

أعطى هذا «الانتصار» الذي أشار الى بغض الجو الطلابي للأحزاب الطائفية وتبني القيم الديمقراطية والنقابية، روحا جديدة الى المجموعات التي تعتبر ان انسحاب الاحزاب من تلك الانتخابات جاء لسبب عامل وحيد وهو خشيتها من خسارة مذلة تضربها في شارعها الذي سيتخلى عنها. فكان ذلك بمثابة الهروب الى الامام.

 

ويأتي التقدم الكبير لهؤلاء وأولئك الذين خرجوا من عباءة أحزابهم لخوض المغامرة، ليشكل سابقة تاريخية في الجامعة على صعيد توزيع المجالس الطلابية بعيدا عن التحالفات الحزبية ما يعكس الغضب الطلابي من المنظومة الحاكمة كلها.

 

ورغم انه لا يمكن إسقاط تلك النتائج على الانتخابات البلدية والنيابية المقبلة، فإنه يمكن تسجيل تقدم تلك الشريحة الواعية المثقفة التي يعوَل عليها بعد حين مع مراكمة الانجازات والبناء عليها. فقد شكل الحدث تمظهراً للمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق تلك الفئة الشبابية لتكون أداة التغيير ومثالاً للفئات الاخرى باندفاعها وتصميمها.

 

ولذلك، يرى المنتفضون أن الطلاب قدموا الدليل، للداخل كما للخارج، على أن «الثورة» لم تنته وأن الزمن ينبىء بأشكال مواجهات جديدة. هي كما يردد المنتفضون الرد العملي على روح اليأس والإنهزام ومقولة انهزام «الثورة».

 

القضاء ثم القضاء

 

وعلى صعيد فعل التراكم المنشود من قبل المجموعات، هي لا تزال تشرع في تحركات موضعية بأعداد غير كبيرة، في الوقت الذي يحول «كورونا» دون الكثير من تحركاتها.

 

لكن هؤلاء قرروا النزول في أكثر من تحرك ضمن مجموعات تنسق مع بعضها البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة عبر «الواتساب» و«زوم»، مثل «المرصد الشعبي لمحاربة الفساد» و«الكتلة الوطنية» و«تحالف وطني» و«ثوار بيروت» و«شباب المصرف» و«لحقي» و«ثوار البقاع» و«ثوار الشمال» و«ثوار لبنان» و«ثوار 17 تشرين» و»عن حقك دافع» ومجموعات أخرى مستجدة مثل «مدرسة المشاغبين» و«بيروت الثورة» وغير ذلك.

 

وثمة مفاوضات حول طبيعة التحركات التي ستجري وخاصة على صعيد التحضير للانتخابات النيابية المقبلة.

 

وفي هذه الاثناء، تستمر التحركات الاحتجاجية الموضعية على الأرض وتدرس المجموعات التحرك في 21 من الشهر الحالي لمناسبة عيد الاستقلال، نحو المرفأ أو المطار لإثبات الوجود والقول إن «الثورة» لم تنته وسيرتدي بعضها طابع «تحرير القضاء التحاصصي» خاصة في ظل تحقيق متعثر في كارثة المرفأ والمطالبة دوماً بإقرار قانون استقلالية القضاء الموجود في مجلس النواب.

 

سيكون عنوان التحركات المقبلة أنه لا مكان لهذه المنظومة الفاسدة في الوطن «ومعركتنا حتى النهاية مستمرة، فإما يرحلون ويحاسبون ويعيدون ما سرقوه أو يرحل الشعب اذا بقوا»، هي باختصار معركة «نكون أو لا نكون».

 

لكن من غير المعروف ما اذا كان القيمون على التحرك سيمضون في نشاطهم في ظل الاقفال العام في البلاد، علما ان الأمر يسقط نفسه على المناطق أيضا وقد تحمل الايام المقبلة تحركات مفاجئة من قبل بعض الشباب وحتى الشابات في وجه السلطة التي ترتبط طبيعة التحركات ايضا بردة فعلها تجاه المتظاهرين.

 

واليوم، ليست مسألة انفجار غضب الناس سوى مسألة وقت في ظل الانهيار الهائل لليرة الوطنية وفقدان الدواء والغلاء الإجرامي في الأسعار وأزمة المستشفيات وهجرة متعاظمة..

 

وفي الايام المقبلة، ستخوض المجموعات معاركها «على القطعة» وستتخذ من ارتكابات السلطة رافدا لها، وتتجه الانظار الى إنتخابات «الجامعة اليسوعية» التي تحضر المجموعات لها وخاصة «النادي العلماني» فيها تحت شعارات ان رتفاع الأقساط وهجرة الشباب وإنفجار بيروت هي في الأصل مشاكل سياسية، والحل ليس في عدم الحديث في السياسة بل في إعادة تعريف السياسة نفسها بمفاهيم ديمقراطية وعلمانية وإجتماعية. والمطلوب اليوم حسب هؤلاء أن «نحكي سياسة بس مش متلن…» والعنوان يبقى دوماً: صوتك عالي طالب.