ثورة 17 تشرين يشغل بالها موضوع السيادة ويأخذ اهتماماً كبيراً لدى المناضلين الشرفاء، في كل أبعادها وشكلها ومضمونها. فالسيادة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنشأة الدولة، لاعتبارها ركناً أساسياً من الأركان التي تقوم عليها الدولة، وفقاً لمندرجات العلم السياسي. مفهوم السيادة سنداً للعلم السياسي يتبوّأ حيّزاً لا يُستهان به في كل القوانين المعمول بها، سواء أكانت صادرة عن السلطات العليا الدولية الرسمية أو تلك المعتمدة في الدول ذات الهوية المعروفة والمحدّدة .
ثورة 17 تشرين تعتبر أنّ السيادة تحمل أكثر من معنى، إنطلاقا من استعمالها رمزاً للحرية والكرامة والاستقلال.
ثورة 17 تشرين تعمل بوحي ما قاله الفيلسوف الهولندي Hugod Grotius، حيث ركّز في تعريفه للسيادة على الاهتمام بكل الشؤون التي ترعى مصالح المواطنين داخليا وخارجيا، وعلاقة الدولة برعاياها والعلاقة مع الخارج. وممّا قاله حرفيّاً: «السيادة هي السلطة السياسية العليا التي تتركز في الشخص الذي لا تتمكّن أي إرادة إنسانية من نقض أعماله».
ثورة 17 تشرين تعتبر أنّ مبدأ مشروعية السيادة ضرورة احترام القواعد القانونية القائمة، بأن تكون كل تصرفات السلطات العامة في أي بلد متفقة وأحكام القانون بمَدلوله العام، سواء أكانت هذه السلطات تشريعية أو تنفيذية أو قضائية. وثورة 17 تشرين تعتبر أنّ مقتضيات السيادة تستوجب أعمال السلطات العامة وكافة إجراءاتها وقراراتها النهائية على أي مستوى من التدرّج، أن تكون صحيحة وسليمة. وفي حال صدور قرار سيادي، فإنّ من الواجِب الالتزام التطبيقي، وإلّا تصبح الأمور غير مشروعة…
ثورة 17 تشرين تعتبر أنّ السيادة التامة والناجزة هي قمّة الضمانات الأسياسيّة الجديّة والحاسمة لحقوق الإنسان وحرّياته وسيادته على الإقليم الذي يعيش عليه.
ثورة 17 تشرين تعتبر، وبالاستناد إلى العلم السياسي، أنّ وجود الدولة لا يتحقّق إلّا بوصول جماعة سياسية إلى درجة معينة من التنظيم، ليسمح باستقلالها، وتعتبر الدولة في شكلها القانوني الشكل الطبيعي والحديث لتنظيم الجماعات السياسية.
ثورة 17 تشرين تعتبر فكرة السيادة التامة والناجزة واعتراف الدول بها، من المبادئ المتّفق عليها في ميثاق الأمم المتحدة والاتفاقات الدولية، التي تَصبّ في الموضوع نفسه. كما انّها تعتبر ارتباط ظهور مبدأ السيادة في قانون الأمم، أي القانون الدولي العام، مع انبثاق الدولة القومية الحديثة في أوروبا بعد معاهدة Westphalia في العام 1648 التي أنهَت حرب 30 سنة دينية في القارة الأوروبية، وهي عمليّاً أقَرّت مبدأ سيادة الدولة، في اعتبار أنّ هذه السيادة هي سلطة الدولة العليا والمطلقة على إقليمها، أي حق الدولة في ممارسة وظائفها وصلاحياتها واختصاصاتها داخل إقليمها المعترف به رسمياً من دون تدخّل أي دولة أخرى. فهل يَعي حُكّام لبنان هذا الأمر؟
ثورة 17 تشرين تعمل بوحي المادة 2/1 من ميثاق الأمم المتحدة، على أنّ هيئة الأمم المتحدة تقوم على مبدأ المساواة في السيادة بين كل أعضائها. كما تلتزم ثورة 17 تشرين نص الفقرة السابعة، التي تؤكّد أن ليس في هذا الميثاق ما يسوّغ للأمم المتحدة أن تتدخّل في الشؤون التي تكون من صميم العمل الداخلي لدولةٍ ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يُعرِّضوا مثل هذه المسائل لأن تُحلّ بحكم هذا الميثاق، علماً أنّ هذا المبدأ لا يخلّ بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع…
ثورة 17 تشرين تسعى إلى إنشاء مؤسسات أكاديمية تهتم بمسألة الأمن القومي الوطني اللبناني من حيث مصادره ومقوماته، وإجراءات ضمان حمايته، وستستند إلى معاهد ومراكز أبحاث تنتمي إلى جامعات دولية ومؤسسات علمية وإعلامية ومجلات متخصصة وإدارات مؤسسات مرتبطة بالقرار السياسي الدولي.
وتهدف ثورة 17 تشرين إلى أن يُصبح مجلس الأمن القومي المُحدَث، النموذج الأول والأمثَل في موضوع السيادة، حيث من المفترض أن يُجسِّد هذا المجلس قدرة الدولة على تحقيق أمنها، بحيث لا تضطر إلى التضحية بمصالحها المشروعة لتفادي ربما الحرب أو مسائل معينة، والقدرة على حماية تلك المصالح، إذا ما اضطرّت على طريق ربما حرب أو مفاوضات شاقّة مثلاً…
ثورة 17 تشرين ستسعى لوضع استراتيجية للدفاع عن الشعب والوطن بكل مؤسساته المدنية والعسكرية والإستراتيجية، وهذه الاستراتيجية هي كناية عن فن القيادة العسكرية، ووفق العلم العسكري فقد تتطوّر وتصبح لها مضامين سياسية ـ أمنية ـ اجتماعية، وصارت الاستراتيجية العسكرية هي تلك العملية التي يتمّ فيها الصَّهر الكامل لكل مصادر القوة في الجسد السياسي ـ الإقتصادي ـ الإجتماعي للدولة، من أجل تحقيق المصلحة القومية العليا والأهداف المطلوب إنجازها في أطر فلسفة الأمن القومي.
ثورة 17 تشرين تعتبر أنّه يتطلّب لتنفيذ الاستراتيجية القومية العسكرية استخدام الإمكانات القومية المُتاحة تحت كل الظروف، من أجل إنتاج أقصى سيطرة ممكنة على أي عدو تخوّله نفسه التعدّي على السيادة الوطنية عن طريق التهديدات، بهدف تحقيق مصالح الأمن القومي للدولة، فهي عملياً وفعلياً منظومة الأساليب والوسائل العلمية والعملية القائمة على الاستخدام الأمثَل للقوى والمصادر القومية، من أجل تحقيق أهداف الأمن القومي. ووفق العلم العسكري، فهي مجموعة الخطط والمبادئ التي تحدّد الأهداف القومية للدولة في كل المجالات، في نطاق التعاون الدولي وإدارة تلك الخطط والمبادئ، لتحقيق أهدافها القومية في حدود القوة المتاحة.
ثورة 17 تشرين ستسعى إلى إقرار قوانين جديدة تُعاقب الأفعال التي تقود إلى التخريب أو التغاضي عن السيادة أو الإرهاب، أو التواطؤ مع قوى أجنبية. حيث أنّ القضاء هو الملاذ الأول والأخير للمؤسسات والكيانات العامة والخاصة، بما في ذلك الدول ذاتها، وجميعهم مسؤولون أمام قوانين صادرة علناً ومعمول بها، وتُطبّق على كل المُخلّين بالأمن القومي بالتساوي، ويُحتكَم في إطارها إلى قضاء مستقل مُنزّه يحكم بالعدل، على أن يطلب مؤازرة قضائية دولية، تتفق مع القواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. كذلك ستسعى ثورة 17 تشرين إلى تشريع قوانين تلتزم مبادئ سيادة القانون والمساواة أمام القانون والمساءلة أمام القانون، والعدل في تطبيق القانون، والفصل بين السلطات، وتجنُّب التعَسّف في إصدار الأحكام.
كما تعتبر ثورة 17 تشرين أنّ مفهوم سيادة الدولة وسيادة القانون أمران متلازمان ولا ينفصلان، وستعمل في ظلّهما، من أجل تحقيق العدالة واحترام الالتزامات السيادية.
هذا غيض من فيض، وللبحث صلة…