تستند ثورة 17 تشرين إلى مندرجات العلم السياسي، فأينما كان الإنسان المتحضِّر، من اللازم أن يعيش في مجتمع منظّم يُعرف بالدولة السيّدة المستقلّة الديموقراطية. كما يذكر العلم السياسي، أنّ للديموقراطية مساحة واسعة تتيح لأي مواطن ملتزم بالقوانين، العمل بالطرق السياسية الحرّة المألوفة، وهو عملياً يُساهم في تقرير حقوقه وحقوق شركائه في الوطن وواجباتهما في اختيار الحُكام على مختلف المندرجات، كما يُساهم أيضاً في تحديد السلطات التي يُمارسها هؤلاء الحُكّام.
من أهم مرتكزات ثورة 17 تشرين، الارتكاز على وظائف العلوم السياسيّة، التي تكشف عن المبادئ الواجب اتّباعها في الأمور التي تخصّ المصلحة العامة، وأن تدرس جيّداً طريقة عمل الحكومات، من أجل إظهار ما هو صالح ومفيد للدولة وللشعب، ونقد ما هو فاسد أو غير فعّال، على أن يتمّ طرح مشاريع قوانين، من شأنها تحسين الأداء السياسي في المراحل المستقبلية.
ثورة 17 تشرين ومفهوم الدولة وبمفهوم ثورتنا واستناداً إلى العلم السياسي، إنّ الدولة شعب منظّم تنظيماً سياسياً، ويعيش على أرض محددّة سيّدة، ويعيش في ظلّ حكومة مركزية خالية تماماً من أي سيطرة خارجية، عكس ما هي عليه اليوم، وقادرة على تأمين طاعة جميع الاشخاص الإعتيادية.
ثورة 17 تشرين تستند إلى 5 صفات أساسيّة يُحدِّدُها العلم السياسي وهي: السكان (الشعب) ـ الأرض ـ الحكومة ـ السيادة التّامة ـ الإستقلال. في مفهوم الشعب لدى ثورتنا، نحن نعتبر أنّ الشعب هو العنصر الرئيسي الأساسي، ويجب أنّ يتمتّع بكل حقوقه المدنية الكاملة، وله حق التنّقل والإقامة في أي منطقة من المناطق اللبنانية، وممارسة شعائره الدينية بكل حرية واحترام، على ما ينص عليه الدستور.
وفي مفهوم ثورة 17 تشرين، الأرض هي العنصر الرئيسي للدولة السيّدة، وهي جزء محدّد وفقاً لنص قانوني مُعتمد دستوريّا، ولا يحق لأي غريب أن يوجد عليها، وتُحمى بواسطة قواها الشرعية.
كذلك في مفهوم ثورة 17 تشرين، هناك ركيزة أساسيّة هي الحكومة، وعملياً وفعلياً، العنصر الرئيسي لوجود جهاز للحفاظ على النظام والقيام بالخدمات المطلوبة وتنفيذ الإلتزامات المحلية والدوليّة. ويوجد في الدولة هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية وغيرها من الهيئات الإدارية، التي تؤمّن غايات الدولة.
ثورة 17 تشرين تعتبر أنّ السيادة هي العنصر الرئيسي أيضاً للدولة، والسيادة هي السلطة العليا على السكان والأرض والحكومة، ولا يجوز أن تكون ناقصة، بل سيادة تامّة وناجزة.
ثورة 17 تشرين تعتبر أنّ العنصر الخامس هو الاستقلال، أي بصريح العبارة المناعة ضدّ التسلُّط، وضدّ وجود أي سلطة غريبة تُمارس هيمنتها بالمباشر أو بغير المباشر على الدولة.
ثورة 17 تشرين لها منظومتها السياسية التي تضع أسُس نظام برلماني سليم، وهو محور العمليّة السياسيّة في بلد كلبنان منهك اقتصادياً، يواجه تحدّيات غير مسبوقة، ويبحث عن الاستقرار السياسي وتركيز مؤسسات الدولة. ومنظومة ثورة 17 تشرين، مجموعة مبادئ تدفع إلى النظر في محتوى الإنتقال الديموقراطي، في اعتباره مفهوماً متطوراً معتمداً لدى كل الأنظمة المتحضّرة، يقتضي البحث في طبيعة النظام السياسي ومآلاته.
ثورة 17 تشرين، تعتبر أنّ الانتقال الديموقراطي الحقيقي يقتضي تغيير سياسات الحكم التي تسبّبت في كل الأوضاع، سواء أكانت أمنية ـ سياسية ـ إقتصادية ـ إجتماعية، والبحث عن مشاريع تَنموية مغايرة للأجندة المتّبعة والمفروضة حالياً، بالإنابة عن الأنظمة التي تصادر سيادة الدولة اللبنانية.
ثورة 17 تشرين، تعتبر أنّ اتّباع السياسات نفسها والإبقاء على الخيارات نفسها والاشتغال على خطاب الأزمة في شكل مستمر، كأداة لإدارة الحكم، أوصَل اللبنانيين إلى مرحلة الإحباط.
ثورة 17 تشرين، ترفض أن تتبخّر آمال الثوّار الشرفاء التي تقاسموها أثناء هَبّتهم الشعبية قبل أن تغتصبها سلطة الأمر الواقع.
ثورة 17 تشرين، ترفض إنسداد الأفق وتفاقم الفقر والبطالة وضعف المقدرة الشرائية واستفحال الفساد على ما هو عليه اليوم.
ثورة 17 تشرين، ترفض الأحزاب الفاشلة وعجزها عن تقديم بدائل مشاريع سياسية، تزرع الأمل في التغيير. وهي ترفض الأحزاب التي تُراكم مراهقتها السياسيّة، والتي غيّبت التعامل في شكل جدّي ضمن مجريات تشكيل الحكومة مرحليّاً، وعوض تغليب المصلحة العامة أي مصلحة الوطن وتحمُّل المسؤولية السياسية وحتى الأخلاقية في تلك المرحلة الحرجة والتحدّيات، غَلّبت مصالحها الضيِّقة، وتتحرّك وفق منطق الغنيمة والمحاصصة بخطاب وسلوك مكشوفَين أمام الرأي العام.
ثورة 17 تشرين، منظومتها السياسيّة تؤمن بالتعددية الحضارية، وستعمل ضمن كل الأطر القانونية وبما ينصّ عليه القانون الدولي، بمنع الجمهورية الإسلامية الإيرانية من التعاطي بالشؤون اللبنانية الداخلية وتغذية بعض الأطراف اللبنانية، وسترفض كل أشكال التوطين، وخصوصاً توطين الفلسطينيين، وستعمل على إحياء الدراسة التي أعدّتها لجنة من الثوار، مضمونها إعادة توزيعهم في شكل يضمن لهم حرّية التنقل والإقامة والعمل ضمن الأوطان التي سيتوزّعون فيها، وستعمل على تسريع عودة النازحين السوريين إلى ديارهم، من خلال إلزام كلّ من جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي بتأمين كل مستلزمات العيش في سوريا.
ثورة 17 تشرين، ستعمل على فرض مبدأ حصرية السلاح بيد كل القوى المُسلّحة الشرعية المنصوص عنها في قانون الدفاع الوطني.
ثورة 17 تشرين، ستؤازِر الصرح البطريركي في إعلان لبنان دولة حيادية، بحسب القوانين والإتفاقيات الدولية. ثورة 17 تشرين، ستعتمد على إقرار خطة اقتصادية قوامها اعتماد مبدأ الإقتصاد الليبرالي الحرّ وفتح الأسواق للمنافسة وتقليص حجم القطاع العام. ثورة 17 تشرين، ستعتمد على إقرار خطط الإلتزام بالمعايير الدولية في قطاعات البيئة والطبيّة والغذائية، وتعلن أنّها تلتزم بمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كذلك تعلن تمسّكها بالأرض اللبنانية وستعمل على منع بيع الأراضي لغير اللبنانيين، وستطرح مشاريع داخلية لاستعادة الأراضي التي بيعت خلافاً للقوانين، والتي تُهدّد الديموغرافيا اللبنانية، بإلزام الكنيسة وشركائها، من أديار وجامعات ومقامات دينية مسيحية ومسلمة، العمل على استردادها، حفاظاً على الهوية اللبنانية.
ثورة 17 تشرين، ستحسم أي جدل في ما خص تطبيق القرارات الدولية، وستسعى جاهدة إلى تطبيقها بكاملها من خلال خطة محكمة.
ثورة 17 تشرين، تعتبر أنّ تطبيق القرارات الدولية فرصة للإنتقال من طور هذه الأزمة إلى مرحلة أمن واستقرار للدولة، وتثبيت مؤسساتها، والمضِي نحو نظام سياسي يُنجز كل ما ورد أعلاه من مطالب مشروعة.
ثورة 17 تشرين، تتحلّى بالمسؤولية الوطنية والإخلاص للأمانة، وهي الركيزة الأساسية لعملية الإصلاح الوطني، بعيداً من منطق الغرور والإستغلال والأحادية ومركب المنفعة الفئوية واقتسام الغنيمة.