IMLebanon

انفلات الشارع لن يكون له حدود.. فهل سيتمكن القابضون على الأمن من مواجهة ثورة الجياع؟

 

لن يكون من السهل بعد الآن وضع حد لانفلات الشارع في مواجهة الطبقة السياسية الفاسدة التي أغرقت البلد في الفساد. كما أنه سيكون متعذراً على القوى العسكرية والأمنية وضع حد لما قد ينجم عن تصعيد حركة الاحتجاجات الشعبية المتوقع في الأيام المقبلة، لأن أحداً لن يقوى على التصدي لصرخة الجائعين والمذلولين على الطرقات وأمام محطات الوقود، في وقت يعاني العسكري ورجل الأمن الأمرين جراء تدني القيمة الشرائية للرواتب، في ظل ما يتم الكشف عنه من حالات فرار من السلك العسكري، وهذا مؤشر خطير للغاية يعطي انطباعاً بالغ السلبية عن المستوى الذي وصلت إليه أوضاع العسكريين، في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها اللبنانيون.

ad

 

وفي الوقت الذي تزداد معاناة الناس الغارقين في بحور أزماتهم اليومية الحياتية والاجتماعية، ومع عودة الاحتجاجات الشعبية وبقوة إلى الشارع فيما تعج محطات المحروقات بطوابير السيارات، في مشهد أقل ما يقال عنه أنه يفيض ذلاً ومهانة، لم يشهده لبنان حتى في عز الحرب الأهلية، تخشى مصادر مصرفية، كما تقول لـ«اللواء»، من أن «تمتد يد السلطة الحاكمة التي نهبت البلد إلى الاحتياطي الإلزامي لتمويل شراء المحروقات والبطاقة التمويلية، على ما أقره اجتماع بعبدا الأخير، في محاولة وقحة للقضاء على ما تبقى من أموال المودعين»، مشددة على أن «هذا الاحتياطي مرشح لأن يلقى مصير مليارات الدولارات التي تبخرت في السنتين الماضيتين، وهذا ما سيدفع لبنان بقوة إلى الهاوية»، ومشيرة إلى أن «أبواب الحلول موصدة في ظل بقاء الطبقة الحاكمة هي نفسها، باعتبار أن لا نية لديها للإصلاح ولا تريد السير به، وبالتالي فإن كل الإجراءات التي تتخذ ستبقى قاصرة عن معالجة أسباب المشكلة التي تحتاج إلى قرارات جريئة واستثنائية».

 

وشددت المصادر، على أن «مماحكات أهل السلطة الذين يتقاتلون لتحصين حصصهم، تدفع الوضع الداخلي إلى الانفجار عاجلاً أم آجلاً، بعد انهيار المنظومة المالية والصحية، حيث بات الأمن الاجتماعي والحياتي في أعلى درجات الخطورة، بدليل فقدان غالبية المواد والسلع الغذائية التي رفع الدعم عنها، في وقت بدأت صرخات المستشفيات والقطاع الصيدلي تتعالى، منذرة بالأسوأ وما يمكن أن تركه من تداعيات على صحة اللبنانيين الذين فقدوا أدنى إحساس بالعيش الكريم الذي يتمناه كل مواطن». وهذا كفيل برأي المصادر أن «يجر الأمور على الأرض إلى مزيد من الاحتقان، على طريق الانفجار الكبير الذي لم يعد بعيداً. وعندها لن يقوى أحد على الوقوف في وجه الناس الغاضبة التي ستتجاوز كل الخطوط الحمر، وتدفع الوضع إلى ثورة جارفة ستأخذ الجميع في طريقها».

 

ومع وصول الأزمة الحكومية إلى الحائط المسدود، بعد رفض العهد مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لا يزال يؤكد تمسكه بها، لم يعد أحد يرتجي خيراً من كل المساعي التي تريد فتح ثغرة في الجدار، وباتت هناك قناعة بأن المعنيين بالملف الحكومي لن يتوصلوا إلى تجاوز العقد التي تعترض الولادة الحكومية، لأن القرار ليس عندهم، وبالتالي فإن الخيار المرجح ألا يصار إلى تأليف حكومة في المدى المنظور، وهذا سيأخذ لبنان إلى مزيد من التفلت على كل المستويات، دون أن يلتفت إليه أحد، وهذا أخطر ما في هذا الوضع المعقد الذي يواجهه البلد . إذ أن العرب قد نفضوا أيديهم من كل ما له علاقة بلبنان، بعدما تحول منصة لاستهدافهم، بكل أنواع الاستهدافات. في حين أن الغرب لم يعد يبالي بما يجري في وطن الأرز. وحتى أن الفرنسيين وهم أقرب الناس إليه، ما عادوا مبالين بكل ما يجري فيه، وها هم يقودون لواء العقوبات ضد شخصيات تتهمها باريس بعرقلة تأليف الحكومة، وتعمل على تعميم هذه العقوبات أوروبياً، ليصار إلى تبنيها في إطار ممارسة الضغوطات على هؤلاء المعرقلين.

 

ولا تبدي أوساط سياسية، أي تفاؤل بخطوة النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات، بفتح تحقيق أولي ضد كل من يظهره التحقيق من الموظفين الحاليين أو السابقين الذين حولوا مبالغ مالية إلى خارج لبنان بجرم الإثراء غير المشروع، مشيرة إلى أن «هناك الكثير من العقبات والعراقيل التي تحول دون هذا الأمر»، متسائلة، عن «اقتصار هذا الأمر بالموظفين، وهل يراد التغطية على المهربين والسارقين الكبار، بصغار الموظفين؟ رغم أن هذه الخطوة لن تقود إلى مكان، ولن يتمكن القضاء اللبناني من استرجاع أي من الأموال المنهوبة التي جرى تحويلها إلى الخارج».