لا يوجد لبناني واحد شريف إلاّ يكون مع هذه الثورة الشريفة التي أصبح عمرها ثلاثة أشهر واليوم تدخل شهرها الرابع.
يكفي هذه الثورة فخراً انها وحّدت المسلمين والمسيحيين لأول مرة في تاريخ لبنان، فالثوار يهتفون، كلهم، للبنان، ولا مَن يقول: أنا مسلم أو أنا مسيحي، ولا مَن يدّعون باسترجاع حقوق المسيحيين «التي أخذها المسلمون»؟!.
هذه الثورة عمت لبنان كله من بيروت الى صيدا مروراً بخلدة، الناعمة، الدامور… ومن صيدا الى صور، ومن صور الى كفررمان والنبطية، ومنها الى شتورة وبعلبك والهرمل، ومن بيروت الى جل الديب والزوق وجونيه وجبيل والبترون وشكا وطرابلس والضنية وعكار…
بمعنى أنها المرة الأولى في تاريخ لبنان تتجلّى الوحدة الوطنية الحقيقية.
الإنجاز الثاني: الجميع تحت علم واحد هو العلم اللبناني.
الإنجاز الثالث: إسقاط الحكومة، فقد أسقطها الثوار وأسقطوا معها شعار حكومة الوحدة الوطنية التي نقلت الخلاف من مجلس النواب الى مجلس الوزراء، ففشلت في اتخاذ القرارات الحيوية (الكهرباء، النفايات، الوضع الاقتصادي، الوضع الاجتماعي، المدارس وأقساطها…).
رابعاً- كما قال غبطة البطريرك الراعي ان القشة التي قصمت ظهر البعير هي سلسلة الرتب والرواتب التي أقرّوها قبيل الانتخابات النيابية للإستفادة من المزايدات بين النواب والوزراء من أجل تحسين الصورة عند الناخبين، فأصبنا مرتين: مرة في الوضع الاقتصادي الى حد إفلاس البلد… ومرة ثانية بانعكاس ذلك على الوضع الاقتصادي الذي فاقت ضائقته كل ضائقة، وحتى اليوم نجهل الحجم المالي لهذه السلسلة، وقانون الانتخابات هو الأسوأ في تاريخ لبنان وقد قسّم المقسّم، ما دعا الثوار الى المناداة بقانون جديد.
أمّا ما حصل في اليومين الأخيرين بتحوّل هذه الثورة المجيدة من ثورة سلمية الى ثورة الشتائم والمسبات واستخدام الأدوات الحادة للإعتداء على المحال التجارية للمواطنين الذين ذنب الواحد منهم أنه يملك سيارة أو محلاً تجارياً… فهذا شيء صادم في النظرة الى الثورة.
والأفظع ما تعرضت له مراكز المصارف، والأعظم ما تعرض له البنك المركزي وما حدث أمامه وقد حاولوا أن يدخلوا إليه عنوة، والشتائم بالشخصي للأمهات والأخوات والأعراض الخ…
أمّا قوى الأمن الداخلي والجيش فهم الأهل والأبناء والاخوة ولا يجوز الإعتداء عليهم ضباطاً وعناصر، وهم الذين أمضوا ثلاثة أشهر بنهاراتها ولياليها يرعون «الحراك» ويحمون الثوار ويحافظون على تمكنهم من ممارسة حريتهم، ولقد تقدم مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان بالإعتذار من الزملاء الإعلاميين الصحافيين والمصوّرين ما كان له أثر إيجابي كبير لدى المواطنين، وهذا ليس غريباً عليه، فقد سبق له أن توجه الى ساحة النجمة أمام البرلمان وتحدث أمام الثوار وأعطى التوجيهات العلنية أمامهم للحفاظ على المواطنين، علماً أنّ القوى الأمنية حمت المتظاهرين من بعض المندسين، وأيضاً من أعداء الثورة المعروفين بأسمائهم ومناطقهم.
أيضاً فإنّ من غير المقبول حرق الإطارات، حرق المستوعبات، قطع الطرقات، محاولة الدخول الى ثكنة الحلو…
هذه الأعمال والتصرفات كلها هي غير مقبولة في المبدأ وفي المطلق خصوصاً لأنها تسيء الى الثورة ذاتها وإلى الثوار أنفسهم قبل أي طرف آخر.
كلمة أخيرة: عدم وجود مشروع واضح للثوار دفع هذا الأمر الى تشكيل حكومة اللون الواحد ولا نظنها ستكون إلاّ مزيداً من عزلة لبنان عن مجتمعه العربي وعن المجتمع الدولي، إضافة الى زيادة تخريب الوضع المالي، وأما بالنسبة الى عملية الدولار… فبدلاً من محاسبة البنوك يجب محاسبة الذين استلفوا منها واستغلوا التوظيف الطائفي حيث وصل العدد الى 64 ألف موظف يكلفون الدولة سنوياً 4 مليارات ونصف مليار دولار بحسب البنك الدولي، وعموماً بالنسبة الى الدولار يجب البحث عن العلة في مصدرها… ومصدر لعبة الدولار هو عند «حزب الله»!
عوني الكعكي