Site icon IMLebanon

«الله ينجّينا من الآت»  

 

 

قليل من الصّبر والترقّب، نحن في مرحلة أخذ نفس قبل الاندفاع من جديد، ما يحدث مناورة سياسيّة ماكرة تحاول الالتفاف على عزيمة الشباب اللبناني، وكلّ الذين علّقوا آمالهم على جيل الثّورة، هذا الجيل الذي لم يخف من ضربة عصا ولا من تكسير خيمة ولا من اعتقال ولا من بربريّة أرادت تخويفه لـ»يكشّ» ويختبىء في منزله، مثلما خاف ذووه من قبله، هذا جيل إرادة وإبداع، جيل واثق من نفسه ومن وطنه، وقد أخذ قراره بإنقاذ لبنان من براثن عقود مضت حوّلته إلى مزرعة، ولا تزال تريده مزرعة لها ولأبنائها فقط، وليذهب الشعب اللبناني إلى الجحيم.

 

كسرنا حاجز الخوف، ولكن ماذا بعد ذلك؟ يتساءل اللبنانيّون، ويكاد السؤال ينخر رؤوسهم من دون الحصول على إجابة، حتى الثورة نفسها التي أشعلت لبنان تظاهرات خفتت أصوات ساحاتها، لم يبدُ أنّ اللبنانيّون وصلوا إلى مكاسب حقيقيّة ويعتقد البعض ـ وهو بعض كثير ـ أنّ خمود الشوارع وانطفاء الأصوات في السّاحات وضع نهاية سريعة لثورة اللبنانيين، لكن على العكس، إنّ كَسْر حاجز الخوف ليس بالأمر السّهل، كلّ ما تعرّض له المتظاهرون أكّد أنّهم لن يتراجعوا خطوة إلى الوراء، هناك جيل شابّ في لبنان مختلف عن الأجيال السابقة التي استسلمت طويلاً، واحداً من أهم إنجازات هذه الثورة هي ردم الهوّة بين جيليْن، الأم ـ الجيل الذي اعتاد التحمّل بصمت ورضوخ ـ تمسك بيد ابنها ـ الجيل الثائر الرّافض لكلّ ما شاهد جيل آبائه يعيشونه ولم يفهم أسباب صمتهم ويأسهم ـ وتنزل إلى التظاهرة، والأب يمسك بيد ابنته ويذهب إلى ساحة التظاهر، ما حدث ردم الهوّة الكبيرة بين الأجيال، ووضع جيلاً لا ينهزم لأي شيء، جيل مؤمن بضرورة خروج لبنان إلى الدولة المدنيّة، وهذا من أكبر إنجازات الثورة.

 

سنسمع كثيراً في الأيام المقبلة «نغمة أعطوا الحكومة فرصة» بعد خروج بيانها إلى النور، الفرصة تستحقّها الثورة ورصد حراكها سيبلور إنجازاتها ستتبلور شيئاً فشيئاً، نحن لا نزال في قلب المواجهة، وهذه المواجهة «جولات» بين الحقّ والباطل، لا نزال في قلب الحدث، تريّثوا قليلاً ولا تستعجلوا إنجازات ونتائج الثّورة… الأيام اللبنانيّة المقبلة ستكون معبّأة بالإطارات المشتعلة والطّرقات المقطوعة وسنسمع كثيراً «أسطوانة اعطوها فرصة»، وهم يعرفون أنّ هذه الحكومة عبارة عن «خديعة» لتقطيع الوقت رغبة من الفريق الحاكم في الاستمرار في مواصلة مدّ حبل الكذب القصير، ظنّاً منه لأنّه لا يزال قادراً على خداع اللبنانيين والكذب عليهم، فيما على وجه الحقيقة يخدع نفسه ويكذب عليها!

 

أكبر مخاوفنا لبنان في قلب المجهول وفي عين العاصفة، ليست هذه الحكومة ما انتظره الشعب، وليس هذا هو التغيير الذي أراده الشعب، وليس هذا هو الأمل الذي يبحث عنه الشعب، هذه حكومة أقنعة إستشاريّة، نفس الوجوه اختبأت أقنعة يقال لها مستشارين وفي الحقيقة هي أدوات لنفس الطبقة التي نهشت جسد الدولة اللبنانيّة على الأقل منذ العام 1993 وحتّى اليوم، كان الله في عون لبنان في الأيام المقبلة، فمشهد الثورة في جزئه الثاني سيكون دمويّاً، وكلّ الخوف أن تنجح هذه الطبقة في استخدام القوى الأمنيّة والجيش اللبناني أداةً لقمع الشّعب اللبناني على طريقة العالم العربي المتوحّشة، حمى الله لبنان وشعبه وجيشه وكفانا شرور الثلاثيّة الخشبيّة بأي صيغة احتال البيان الحكومي لتمريرها باللغة العربيّة المطّاطة!