أعلن الفطاحل الأقوياء عن انتهاء فترة السماح. إستلوا أسلحة جديدة للمواجهة مع شحذ المستوى التخاطبي وبعض العصي، بالإضافة الى لياقة بدنية واضحة معالمها للمرافقين.
وما إن يواجههم أي كان بواقع ما ارتكبوه هم وشركاؤهم في السلطة حتى يتوتروا ويهوجوا ويموجوا. ويفلت الكلام منهم على عواهنه، ليكشف عن جوانب من شخصياتهم استماتوا ليخفوها تحت أقنعة من التجميل السميك.
والمحزن أنهم لدى أصغر مواجهة يسقطون في الإمتحان واحداً تلو الآخر. واضح أنهم ينقلون عن بعضهم البعض ويتبارون في رفع الصوت والمرجلة، والإصرار على إحتكار العفة والكف النظيف في هذه التركيبة السلطوية. إذا انتقدهم ناقد، يسارعون الى جراب الكردي، فيخرجون التهم الجاهزة الخشبية، ويرفعون الصوت للتغطية على افتقارهم الى الحجة.
يكذِّبون الحقائق التي تصفع كل كذبهم. وعندما يعجزون بالمواجهة من ناصية المنطق، يمارسون التذاكي والتعالي والعنصرية والإستخفاف بالآخر، وبأسلوب يذكرنا بالوقحين المتنمرين الذين كانوا أبشع التلاميذ في الملعب.
لا وسيلة لديهم لكم الأفواه إلا الفجور واستعراض القوة المستعارة. وإذا ذكَّرهم من كان على بينة مما يفعلون بأن مسؤولية إفلاس البلد تشملهم، وتحديداً منذ أصبحوا الركن الأفعل والأقوى من عصابة “كلهن يعني كلهن”، ينتفضون غيرة على الكرامة الوهمية، تماماً كالبطولات الوهمية والانجازات الوهمية، التي يعجبون كيف لا نلمسها لمس اليد، ولا نراها بالعين المجردة، مع أن الشمس طالعة والناس قاشعة أنهم المنقذون من الضلال ونبراس النزاهة.
ويا ويل من يدوس على طرفهم، ويا سواد ليله. فهو كمن يدوس على وكر الدبابير.
وليتحمل الآخرون، كل الآخرين، شحنات الطائفية والعنصرية والتخوين والتهديد والوعيد، اذا تجاسروا وأتوا على سيرتهم. فالبادئ أظلم. أما من سبقهم، وترك ما يشهد على أن الديون استثمرت في بعض المرافق، فهو مدان الى أبد الآبدين. لأنه ترك ما يشهد له، في حين انهم، وبسنوات أقل، راكموا ديوناً توازي تلك التي صرفت للإعمار، ولكن بلا إعمار. بل أن دمار ما كان هو المبدأ العام.
أما من يتجرأ ويسأل عن ملف الكهرباء مثلاً.. أو أي شيء يتعلق بصفقات البواخر، فقبّح الله وجهه.. ويا له من ساذج وغبي.
فهو من الذين لم يقدِّروا نعم الله عليهم، عندما ابتسم القدر لهذا الشعب العاق وأحياه الى زمن عودة الحق الى أصحابه بعد طول شلل وتعطيل لمرافق البلاد وأرزاق العباد. لكن التضحية حرزانة مع النتيجة التي أينعت ثمارها. وها نحن نعيش في نعيم يدير شؤونه مختارون، حباهم الله جينات متفوقة، ولهم الأفضلية في الجنى لكل بذار الوطنية وخيراتها.
لذا يتحكم الاستشراس بهؤلاء الفطاحل المتمسكين بكراسيهم، وكأن وصولهم إليها هو انعكاس الإنتقام الإلهي للنيل من كل ما عرقلهم وعاداهم وحال دون إطباقهم على السلطة ومفاصلها في أزمان غابرة. وبالطبع ستتم إبادة كل من تسّوِل له نفسه التفكير بأن خلاص هذا البلد يستوجب قلع هذه الطبقة السياسية بكل من فيها والإنصراف الى حلول فعلية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والإقلاع على نظافة باتجاه إمكانية وطن.