Site icon IMLebanon

“الفاسد من بينكم”

 

بالتأكيد جفل أركان السلطة من عبارة “الفاسد من بينكم”، عندما صفعهم المطران بولس عبد الساتر بسؤاله إياهم: “ألا يحرك ضمائركم نحيب الأم على ولدها الذي انتحر أمام ناظريها لعجزه عن تأمين الأساسيات لعائلته؟ أوَليست هذه الميتة القاسية كافية حتى تخرجوا الفاسد من بينكم، وتحاسبوه وتستردوا منه ما نهبه لأنه ملك للشعب؟”

 

لعلهم شعروا بأنهم ضبطوا بالجرم المشهود.

 

إلا أن مريدي العهد القوي، دون سواهم، إسْتُنفروا، وكأنهم وحدهم المستهدفون بـ”الفاسد من بينكم”، وتشاطروا للإيحاء بأن الحديث عن محاسبة المسؤولين الذين أوصلوا البلاد إلى الانهيار، هو ترف يراد منه صرف الاهتمام عن الخطر الحقيقي الذي يُحدق بالمسيحيين عموماً، وبالموارنة تحديداً جراء خطر التوطين المزلزل للتوازن الديموغرافي.

 

لذا، كان الرد المباشر بـ”هاشتاغ” “الزعيم الوطني هو الذي يقاوم التوطين والتجنيس من أجل الحفاظ على وجه لبنان الرسالة، وعلى حق كل لاجئ ونازح بالعودة إلى أهله وبلده”.

 

والواضح أن “لبنان الرسالة” الذي يعيش فيه مريدو العهد القوي هو غير “لبنان الفساد الممنهج”، الذي تتواطأ فيه الطبقة السياسية مع المصارف على اللبناني “البطران” ليخشوشن، ويضب يده قليلاً ويكتفي بما يتسوله من أمواله.

 

المهم إختراع تبريرات لتفليسة البلد، وبغباء لا يريدون تصديق غيره، ويرددونه حتى يصبح غيمة سميكة، كما كل شيء يتعلق بمريدي العهد القوي المأخوذين بأسطورته، والمصدّقين أنهم يستطيعون تغيير وجه الخليقة حتى لا يحاسب أحد آلهتهم فلا ينزاحون عن كراسيهم ومكاسبهم.

 

والأنكى أنهم وجدوا الحل الذي سيعتمده الـ”سوبر لبنان” عبر إجراءات مالية صارمة لإعادة النهوض الاقتصادي، تفتك بالفئات المسكينة من صغار المودعين، وبالذين يطردون يومياً من وظائفهم.

 

المهم الإستغناء عن أي مساعدة “إستثنائية” لتعويم الوضع. فنفسهم عفيفة هؤلاء الأقوياء، وكبرياؤهم مجروح بعد أن انهالت عليهم الانتقادات والتوبيخات من المجتمع الدولي “القرفان” من فسادهم. لذا شاركوا في حملات الإزدراء لهذا المجتمع الذي يضنّ عليهم بفلس الأرملة.

 

ولأن “الكيلو بدو كيلو ووقية” لِبَطْحِه بالضربة القاضية، رفع العهد القوي شعار حق “إسترداد الأموال المهدورة جراء النزوح السوري” في وجه الدول المتآمرة على النظام الأسدي، ومن خلفه على محور الممانعة، ما أدى الى تكبيد لبنان خسائر بقيمة 25 مليار دولار.

 

وهكذا تساوى الميزان مع حملة الثورة الداعية الى “استرداد الأموال المنهوبة بفعل الفساد والفاسدين”.

 

وكذلك تساوى الميزان مع تحميل “الدول المتآمرة” مسؤولية تفليس البلد. ولا داعي بعد اليوم لكسب ودها. وقد يلجأ العهد القوي الى مجلس الأمن الدولي ليرفع دعوى ضدها، ويطالبها بالتعويض مع الفوائد. ويحلم بعد ذلك بتدفق الخيرات على الخزينة ليعود الغز الى الجيوب والأرصدة المهربة.

 

حينها، لا يعود مهماً الحديث عن فساد أو فاسدين… حينها سيعود الخير الكثير، وسيسرقون منه قدر ما يشاؤون… ولن يشبعوا.