تكشف أوساط سياسية مطلعة، عن استعادة الحراك الشعبي لزخم انتفاضته في الأسابيع القليلة المقبلة، إن لم يكن قبل هذا الموعد، وذلك مع اقتراب نهاية المهلة الزمنية التي حدّدتها الحكومة لنفسها من أجل إحداث خرق في جدار الأزمة الإقتصادية، والتي تبلغ مئة يوم، منذ حصول هذه الحكومة على الثقة من المجلس النيابي. لكن عودة مشهد الشارع المنتفض، دونها عقبات عدة، وفق الأوساط نفسها، والتي تحدّثت عن تأثير لعمليات ضبط وملاحقة مئات المنتفضين بشكل سلبي على تحرّكات هؤلاء من جهة، إضافة إلى تأثير الإنتفاضة المضادة التي سُجّلت في الشارع أيضاً من جهة أخرى، وذلك من قبل مجموعات تحمل عناوين ومطالب مختلفة، وذلك، من دون إغفال واقع استجدّ بعد أسابيع من الإعتصامات والتظاهرات، وهو الحاجة إلى التقاط الأنفاس والإستعداد للمرحلة الآتية، خصوصاً في حال بقيت المراوحة عنواناً ملازماً لعملية الإنقاذ المرتقبة.
وبالتالي، فإن استمرار حال الشكّ والإرباك وانعدام الثقة بالسياسات والخطوات المتّخذة خصوصاً على الصعيد المالي، وأخيراً على الصعيد الصحي بعد انتشار فيروس «كورونا» في لبنان، قد زاد الإقتناع لدى مجموعات الحراك باستحالة حصول تغيير حقيقي يؤدي إلى الإنقاذ، على الرغم من كفاءة واختصاص الفريق الحكومي، كما تقول الأوساط المطلعة نفسها، التي لفتت إلى الإمتحان القريب والمتمثّل بالقرار الذي سوف تتّخذه الحكومة بالنسبة لسندات «اليوروبوندز» الذي سيُكشف في جلسة مجلس الوزراء المقبلة. كذلك، تحدّثت هذه الأوساط، عن برنامج تحرّك للفترة المقبلة، يجري إعداده من خلال اجتماعات تعقدها المجموعات المنضوية في إطار الحراك الشعبي، وذلك، من أجل التنسيق لعملية العودة بقوة وزخم إلى الساحات، ولكن وفق أسلوب يختلف بعض الشيء عما شهدناه في المراحل التي حصلت بعد 17 تشرين الفائت، حيث أن السيناريو الذي ترسمه هذه المجموعات، يركّز على رفع الصوت من جديد من خلال التحرّك على الطرقات، ودقّ ناقوس الخطر، من أجل التحذير من انهيار القدرة الشرائية لدى المواطنين يوماً بعد يوم، ما ينذر بانهيار معادلة الإستقرار الإجتماعي.
لكن هذه المعطيات، لا تشي بوجود جهوزية وتوافق على برنامج واحد ما بين المجموعات المذكورة، لا سيما على مستوى تحديد الأولويات السياسية المتصلة بالعناوين المالية والإقتصادية، وبشكل خاص بعمليتي الإصلاح والإنقاذ الإقتصادي، بحسب الأوساط السياسية المطّلعة نفسها، ذلك أن الخلافات الأخيرة أدّت إلى تشتيت الجهود، ولكن التدهور الإقتصادي يجعل من خيار الإتفاق مجدّداً على عودة الإنتفاضة الشعبية إلى الشارع، خياراً قائماً بقوة، وهو ما سيكفل تخطي العقبات والتباينات في الرأي، والتوصل إلى خارطة أهداف مشتركة بين كل هذه المجموعات، وفي مقدّمة هذه الأهداف تزخيم الإنتفاضة، والعمل على عدم الإنزلاق إلى الفوضى.