Site icon IMLebanon

6 / 6 أيّام النّكسة  

 

ليس موفقّاً أبداً من اختار موعد الغد تاريخاً لإقلاع الثورة من جديد، فالسّادس من حزيران موعد مع النّكسة في الذّاكرة العربيّة، هزيمة اصطلح على تسميتها “نكسة” لا نزال ندفع ثمنها إلى اليوم وآثارها لا تزال معلّمة في الضمير العربي المُثقل، فهل سيختلف السّادس من حزيران اللبناني عن السّادس من حزيران المصري الذي فرّط فيه حكم أهوج وارتجالي وشعبوي في الأراضي العربية المحتلّة بما فيها سقوط القدس الأرض المقدّسة المدوّي.

 

في بلد يتحكّم به وبسياساته وواقعه وسبل إنقاذه أمين عام حزب الله حسن نصرالله، يرسم له حدوده وخطوطه الحمراء ويحدد له ما يقبل وما لا يقبل به أبواب جهنّم ستبقى مفتوحة عليه وألسنة نيرانها ستظلّ تحرق كلّ ما يحيط به قاطعة الطريق على بناء دولة حقيقيّة ووطن حقيقي غير مرتهن لأي أجندة، وليس رهينة لأي عقيدة دينيّة ولا وليّ فقيه، نشكّ في ذلك كثيراً ولو قامت ألف ثورة!

 

كسرنا حاجز الخوف، على عكس الدولة الخائفة والمرعوبة والتي دفعها خوفها إلى تمديد التعبئة العامّة شهراً كاملاً، ولكن ماذا بعد كسر حاجز الخوف والنزول إلى الشوارع والساحات؟ يكاد السؤال ينخر رؤوس اللبنانيّين من دون الحصول على إجابة، الثورة نفسها التي سبق وأشعلت لبنان تظاهرات ثمّ خفتت أصوات ساحاتها، لم يبدُ أنّ اللبنانيّين وصلوا إلى تحقيق مكاسب حقيقيّة من ورائها، إلا إذا كان البعض يعتبر حكومة حسان دياب مكسباً للثورة؟!

 

يخاف اللبنانيّون أن يشاهدوا مجدّداً نفس المشاهد في كلّ مرّة يستدعي اضطراب الأمور نزول الجيش اللبناني إلى الشّارع إذ يصاب اللبنانيّون بصدمة ازدواجيّة الصورة في تعاطيه مع المتظاهرين اللبنانيين، سبق ورأيناه في جلّ الديب يضرب المتظاهرون بقوة مفرطة، وفي طرابلس رأيناهم يسقطون بالرّصاص الحيّ بينما على أتوستراد الرينغ وفي ساحة الشهداء يغيب الجيش نهائياً عن المشهد تاركاً لشباب الخندق الغميق وذوي القمصان السوداء الأرض للاعتداء على المتظاهرين من دون أن يجد هؤلاء من يدافع عنهم، الأمر الذي يفضح الصيف والشتاء على سطح المواطن اللبناني! هل هذا ما سنشاهده مجدداً في الثورة رقم 2 ؟!

 

ما يحدث في لبنان أخطر بكثير ممّا كنّا نتصوّره، الناس فقدت قدرتها على الاحتمال، ووسط هذا المشهد السوداوي غاب السبب الحقيقي الذي أوصل لبنان إلى هذا الحال المأسوي، حزب الله وسلاحه وأجندته الإيرانية، وراء هذا المشهد كلّه إيران تصارع للبقاء في سوريا والمنطقة على حساب اللبنانيين المستهدفين في لقمة عيشهم ومدخراتهم! مشهد الثورة في جزئه الثاني سيكون دمويّاً، وكلّ الخوف أن تنجح هذه الطبقة الحاكمة في استخدام القوى الأمنيّة والجيش اللبناني أداةً لقمع الشّعب اللبناني على طريقة العالم العربي المتوحّشة، حمى الله لبنان وشعبه وجيشه.

 

للمرّة المئة نقول نحن نحتاج ثورة حقيقيّة، تخلع كلّ الملتصقين بكراسيهم تعزلهم باسم الشعب من مناصبهم وتبقيهم في منازلهم قيد الإقامة الجبريّة، ونحتاج في نفس اللحظة إلى تشكيل هيئة إنقاذ مدني ـ وكلّ هذا بعيداً عن الطوائف ومكاسبها ـ وفي إطار خطوة إنتقالية إلى مشروع الدّولة الوطنيّة، ومجدداً نعيد ونكرّر ونقول “أمام اللبنانيّين فرصة أخيرة للغضب لحقّهم وكرامتهم رافضين الذلّ الذي يُسقى لهم ولأولادهم أقداحاً أقداحاً، لم يعد أمام المواطن اللبناني ترف استنزاف الوقت في حشد التظاهرات اليوميّة وحشد الشوارع وإحراق الإطارات وقطع الطرقات فالأمرُ أعجل من ذلك بكثير!