تكشف معلومات مستقاة من بعض المجموعات الناشطة في الحراك الشعبي الذي انطلق في السابع عشر من تشرين الأول الماضي، عن عودة متجدّدة إلى الشارع، على الرغم من كل المحاذير الأمنية والسياسية، وبشكل خاص الصحية، والمتمثّلة بخطر الإصابة بفيروس «كورونا». وتشير إلى أن المواجهة المقبلة سترتدي طابعاً مختلفاً عن السابق، سواء من حيث التحرّكات، أو من حيث الخطاب، مما يعني أن الشارع مقبل في الأسابيع الآتية على حراك شعبي غير مسبوق انطلاقاً من أن ما بعد أزمة «كورونا» لن يكون كما قبله، مع سقوط معادلة الأمن الإجتماعي قبل أي معادلات أخرى. ووفق هذه المعلومات، فإن كل ما سُجّل على مدى الأسابيع الثلاثة الأخيرة من إجراءات مواكبة للأزمة الصحية، وتحت عنوان التعبئة العامة، وخصوصاً لجهة إزالة بعض خيم الإعتصام في وسط العاصمة، تشكل كلها مجتمعة عوامل سوف تعيد إشعال الإنتفاضة من جديد وتدفع المواطنين مجدّداً إلى الشارع، ولكن من ضمن خطة عمل متناغمة مع إجراءات التعبئة الحالية، علماً أن ما شهده الشارع في الأيام الماضية من زحمة أمام ماكينات الصرّاف الآلي رغم قرارات منع التجمعات، يؤشّر إلى أن التعبئة العامة، أو حال الطوارئ، أو حتى منع التجوّل، لن يكون عائقاً أمام أي قرار شعبي بالنزول مجدّداً إلى الشارع، وبأعداد مضاعفة عن الأعداد السابقة، وذلك لرفع مطالب مستجدّة تضاف إلى كل المطالب السابقة، في ظل الظروف القاهرة التي تضغط على جميع اللبنانيين وفي كل المناطق، وتُرجمت أخيراً في بعض مناطق البقاع والشمال والضاحية الجنوبية، حيث شكا العديد من الذين احتجّوا في الشارع من النقص الكبير في المقوّمات التي تسمح لعائلاتهم بالإستمرار مقابل البطء المسجّل في معالجة حاجات المواطنين العاطلين من العمل، وذلك على الرغم من كل الإستعراضات الجارية من قبل العديد من القوى السياسية، والتي لا تهدف سوى إلى الشعبوية على حساب الأزمة المعيشية الخطرة التي تضاف اليوم إلى الإنهيارات المتتالية في الأشهر الماضية، الأمر الذي يجعل من الإنهيار العام حتمياً، إذ ان دولاً متقدّمة وتتمتّع بإمكانات مالية هامة وباقتصاد قوي، باتت على شفير أزمة مالية غير مسبوقة جراء أزمة «كورونا»، فكيف ستكون الحال في لبنان.
ومع انتهاء فترة السماح للحكومة الحالية، كما تشير المعلومات نفسها، فإن كل ما يرافق القرارات الحكومية المرتقبة، وبشكل خاص على المستوى المالي، لجهة ترجيح خيار الإستعانة ببرنامج صندوق النقد الدولي على خيار الإصلاح، من شأنه أن يدفع بالحكومة نحو حال من العجز الخطر، لا سيما إذا استمرّ التأخير في الإجراءات نتيجة الصراع السياسي الذي انطلق حول التعيينات المالية والقضائية والإدارية داخل وخارج الحكومة.
ولذا، فإن الحذر وعدم الثقة في ما بين المسؤولين، يضع الحكومة أمام تحدٍّ مفصلي، كما يضع الحراك في موقع يشبه الموقع الذي كان فيه كل اللبنانيين عشية 17 تشرين الأول الماضي، كما تؤكد المعلومات التي تقول ان العدّ العكسي قد بدأ للعودة إلى الشارع للإعتراض على كل شيء.