IMLebanon

“مسيرة الثورة” تنطلق… “ويلكام باك” بشروط السلطة

 

عادت التحركات إلى الشارع، لكن تحت سقف تعاميم وزير الداخلية محمد فهمي، المكملة لإجراءات التعبئة العامة. فنظّم عدد من الأشخاص المصرون على تسميتهم “ثوّار”، نزهة سيّارة في مناطق مختلفة بعنوان “مسيرة الثورة”، رفعت خلالها الأعلام اللبنانية. والتزاماً بتعميم فهمي خصّت الدعوة أمس أصحاب السيارات التي تحمل لوحات تنتهي برقم مزدوج، على أن تنطلق اليوم مسيرة مخصصة لأصحاب السيارات التي تنتهي لوحاتها برقم مفرد.

 

وأبرزت هذه العودة المطابقة لشروط السلطة، الخلاف بين مختلف مكونات المعارضة. إذ لقيت التحركات تأييداً من البعض وانتقاداً من آخرين. ويبدو أكيداً نجاح السلطة، حتى الآن، في بث دعايتها في صفوف المنتفضين وفي شرذمتهم.

 

ويفاخر فادي درويش بأنه صاحب الفكرة ومطلق الدعوة لمسيرة السيارات. وفي حديث إلى “نداء الوطن” يؤكد درويش التزامهم النزول إلى الشارع ضمن قوانين السلطة. ورداً على سؤالنا: كيف لثورة على السلطة أن تلتزم بتعاميمها، حتى وإن لم تشمل ضرراً على السلامة العامة كحال “المجوز والمفرد”، يقول درويش: “إنها أول ثورة حضارية، ثورة ثقافة وحضارة ضمن القوانين”. هو ردّ لا يحمل إجابة وإنما يؤكد الإذعان لقرارات السلطة، وأن الكثير من المحتجين يطلقون صفة “ثورة” على تحركاتهم لتضخيمها من دون التجرؤ على التمرد على أبسط القرارات. ويرى درويش في مسيرة السيارات “مقدمة لعودة الناس إلى الشارع بالأطر الحضارية بعد انتهاء التعبئة العامة قريباً”. ويدّعي منظم المسيرة، بأنّه يحاول استرجاع ثقة الناس من خلال ما اسماه بالأطر الحضارية.

 

وجالت المسيرة في مختلف أنحاء بيروت، من دون أن تخصّص تحرّكاً احتجاجياً أمام مجلس النواب الذي استغلّ ظروف التعبئة العامة لتمرير مشاريعه. وهي مشاريع مررها بسهولة أمس بعدما كان يواجه صعوبة في تمريرها أيام الإنتفاضة. ويكتفي درويش بالقول: “النواب هم من أبعدوا أنفسهم عن الناس”، رداً على السؤال حول عدم التحرك أمام مكان انعقاد الجلسة التشريعية في الأونيسكو.

 

قبل الإنطلاق صباحاً، تجمّع عدد من السيارات قرب جسر الرينغ، المكان الذي يحفل بذكريات الانتفاضة، ثم توجهت السيارات باتجاه ساحة الشهداء قرب جامع الأمين. ونزل العشرات من سياراتهم وهتفوا منددين بسياسات السلطة ومؤكدين الاستمرار بالتحرك.

 

“ويلكام باك” عبارة يقولها البعض للآخر للإشارة إلى فرحته بالعودة إلى الشارع. وخلال التحرك، ذكّر البعض بوجوب الالتزام بالمسافة الآمنة، واتخاذ الإجراءات الوقائية. ولعل بائع أقنعة الوقاية كان أفضل من استثمر في تحرك الأمس. ولربما أكثر من الأحزاب والإعلام الذين استغلوا تصريحات بعض الأشخاص لإظهار أن التحركات ضد الحكومة الحالية تقتصر على مناصري تيار “المستقبل”. فوجد بعض من في الساحة نفسه مضطراً لتبرير مطالبه المعيشية، والرد على الاتهامات السياسية التي تهدف لحرف الأنظار عن المطالب المحقة، بغية إفشال التحركات المطلبية وتأمين الغطاء اللازم لاستمرار الفساد والسرقة.

 

وفي حين انطلقت المسيرة السيارة بمواكبة أمنية، انتهى تحرّك الأمس وعاد “الثوّار” أدراجهم من دون أن يتمكنوا من استرجاع شيء من الساحات التي أزيلت عنها خيمهم بالقوة.