Site icon IMLebanon

غضب الجماهير وشوارعها!

 

عاد الناس الى الشارع ليواجهوا خصماً متسلسلاً. فهم إذ يكملون ما بدأوه في 17 تشرين الاول احتجاجاً على النهب والفساد، أيقنوا أنه خلال نصف السنة الفائت أكمل المسؤولون عن الأزمة نهج تعميقها وتعميمها وامتنعوا عن تقديم أية إشارة الى رغبتهم في تغييرٍ جدي.

 

والحكومة على كثرة التسميات التي أُطلقت عليها هي ممثل للطرف الأقوى في السلطة المسؤولة، فهي ليست تكنوقراطية ولا مستقلة، وحتى تاريخه لم تنطق الا بلسان من شكّلها وهو تحالف يقوده “حزب الله”، رغم ان نطقها الذي تحاوله مستقلاً يرتدُ مصائب عليها.

 

من ذلك خطاب الرئيس حسان دياب في خصوص الحاكم رياض سلامة، صحيح ان “حزب الله” يحمي دياب لكن الأخير لا يبدو مستوعباً الإحاطة التي يريدها “الحزب” لحكومته، ولو أمعن دياب النظر قليلاً بخطابات الأمين العام لتحدث عن الحاكم في أسلوب آخر. فموضوع الحاكم لا يخص آل سلامة الموارنة والكاثوليك ولا حتى أقرباءهم الشيعة، انه عنوان من عناوين أزمة عامة، الحاكم مفصلٌ فيها، لكن أعمدتها الرئيسة تتمثل في القوى السياسية والزعامات التي تناوبت على السلطة عقوداً فأنهكتها… بحضور سلامة وتحت ناظريه.

 

لو كان دياب متمكّناً، لدخل موضوع سلامة من باب الأزمة الشاملة ومسؤولية الأركان والأطراف والأحزاب والتيارات. ولتحدث عن واقع لبنان في علاقاته العربية والدولية وصعوبات الوصول الى مصادر الدعم والتمويل، ثم، وبعد توزيع المسؤوليات، كلمة لسلامة ليسمع هؤلاء وغيره.

 

لو تحدث الامين العام مثلاً، لكان بدأ بالوضع الدولي ثم الإقليمي والحصار المفروض على الممانعة وفي القلب منها إيران، ثم عرج على السياسة “الاميركية العدوانية” وكورونا وضرورة تحرير فلسطين… وصولاً الى الاستنتاج بضرورة قيام الموظفين، ومنهم سلامة، بالدور المطلوب منهم في هذه الظروف الحرجة.

 

لم يفعل رئيس الحكومة الا الهجوم على سلامة، وهذا ضعفٌ، فهل كلما أخطأ موظف نرشقه بخطاب خاص؟

 

الخطاب المذكور أعطى إشارة غير مشجعة في غياب معالجات شاملة، فزاد إصرار الناس على إظهار الغضب والرفض، فنزلوا رغم “كورونا”، ورغم التبدّلات في المشهد السياسي العام.

 

لم تعد لغة انتفاضة “17 تشرين” وحدها السائدة في الشارع، فقد نجحت القوى الراعية للحكومة في إعادة تنشيط معارضيها التقليديين، والى جانب شعار “كلن يعني كلن” سترتفع شعارات أخرى ضد السلطة من أطراف تتحمل هي ايضاً قسطها من المسؤولية.

 

المشهد المتسارع فيه الكثير من الغضب والتنوّع، في انتظار مخارج لا أحد يعرف تفاصيلها.