IMLebanon

الانزلاق إلى الشّغب

 

تتحدّث الحكومة عن «الشعب الجائع» ـ وهي لا تعرف معنى وطعم ووجع الجوع ـ ثمّ تتهمّ اللبنانيين الغاضبي ـ بحقّ ـ وتمرر وصفاً بين كلماتها عن المندسّين، وفي كلّ مرّة تستدعي اضطراب الأمور إلى نزول الجيش اللبناني إلى الشّارع يصاب اللبنانيّون بصدمة ازدواجيّة الصورة في تعاطيه مع المتظاهرين اللبنانيين، ففي جلّ الديب يضرب المتظاهرون بقوة مفرطة، وفي طرابلس يسقطون بالرّصاص الحيّ بينما على أوتوستراد الرينغ وفي ساحة الشهدا يغيب الجيش نهائياً عن المشهد تاركاً لشباب الخندق الغميق وذوي القمصان السود الأرض للاعتداء على المتظاهرين من دون أن يجد هؤلاء من يدافع عنهم، الأمر الذي يفضح الصيف والشتاء على سطح المواطن اللبناني!

 

ما نشاهده منذ ليل الاثنين الماضي هو انزلاق وبسرعة باتجاه الفوضى، وللتذكير أنّ الحرب الأهلية في العام 1975 بدأت بزعزعة استقرار طرابلس، من المؤسف أنّ الذاكرة اللبنانية شبه ممحوّة، هناك دائماً من عنده استعداد لأخذ البلد إلى جهنم في التوقيت العام، لا يوجد سبب واحد لتبرير حرق المصارف في طرابلس، ولا يوجد مبرر واحد لإطلاق الرصاص الحيّ على المتظاهرين، ومن واجبنا أن نحذّر أنّ هناك من يريد للجيش اللبناني  أن يتورّط في مواجهة مع الشعب الغاضب، وهناك من يريد أن ينزلق هؤلاء إلى مواجهة مع الجيش تعيد الزمن إلى الوراء ولكن «فشروا»، لن ينال حزب الله هذه الأمنية لن يضرب الشعب بسوط الجيش اللبناني!

 

البلد ذاهب باتجاه الفوضى والشغب وما هو أعظم، فيما حسان دياب وحكومته متوهم أنّه فعلاً جاء في عباءة المنقذ، وكلّ المتعاطين في الشأن السياسي في لبنان يعرفون في العمق أنّ أوان الإنقاذ قد فات قطاره من زمان، وأنّه على طريقة وزير الإقتصاد راوول نعمة «ما تاكلوا بيض» بلغت الأمور مرحلة «موتوا من الجوع»، عندما يستيقظ المواطن ليجد أن أطفاله فقدوا كوب الحليب لأنّ مجمع الحليب بلغ ستين ألف ليرة، وأنّه فقد فنجان النسكافيه أيضاً لأنه بلغ 36 ألف ليرة، وأن أولاده فقدوا ترويقتهم الصباحية لأن قالب الجبنة بـ 28 ألف ليرة، وأنّ راتبه انهارت قيمته فلم يعد يشتري له أبسط حاجياته اليوميّة من الطبيعي أن يصاب هذا المواطن بنوبات تكسير وتحطيم وإحراق وأكثر من هذا، في وقت الحكومة فيه مشغولة بأمور أخرى تدّعي فيه أكذوبة كبيرة إسمها استعادة الأموال المنهوبة، فيما الناهبون جالسون ومتربعون ويديرون لعبة أداء هذه الحكومة المسخرة!

 

عندما يجوع المواطن، على رئيس الحكومة أن يركب الطائرة ويقصد دولاً سبق أن عرضت أن تمدّ الشعب اللبناني بجسور جويّة لحماية أمنه الغذائي، الإمارات العربية كانت سباقة في إعلان استعدادها للمناسبة، تركيا أيضاً أعلنت بكرم كبير أنّها لا تسمح بتعرض الأمن الغذائي للمواطن اللبناني للخطر، مصر أيضاً الشقيقة الكبرى أبدت رغبتها في مساعدة لبنان، فما الذي ينتظره رئيس الحكومة حسان دياب لطلب مواعيد عاجلة وطارئة من هذه الدول ويتوجه إليها لحماية المواطن اللبناني من شبح الجوع الذي يقرع أبوابه، هل الحكومة بالنسبة له ديوان ومكتب وكرسي وإنجازات صوريّة، هذا الوضع يحتاج لرجل يعرف كيف يدير أزمة إنسانية وطنيّة، وللأسف حسان دياب ليس من هذه الخامة ولا بهذه القامة، ولن نأخذ منه إلا كيل اتهامات لمجهولين يريدون الإطاحة بحكومته!!

 

ما يحدث أخطر بكثير مما كنّا نتصوّر، الناس فقدوا قدرتهم على الاحتمال، ووسط هذا المشهد السوداوي غاب السبب الحقيقي الذي أوصل لبنان إلى هذا الحال المأسوي، حزب الله وسلاحه وأجندته الإيرانية، وراء هذا المشهد كلّه إيران تصارع للبقاء في سوريا والمنطقة على حساب اللبنانيين المستهدفين في لقمة عيشهم ومدخراتهم، إسألوا حزب الله عن منعه توقيف أحد الصرافين الذين تسببوا في ارتفاع سعر صرف الدولار إلى 4000 ليرة لأنّه «قال» عضو في لجنة أمنية تابعة للحزب!!