IMLebanon

الحراك يُنظم الصفوف.. ونادر لـ «اللواء»: لورقة مُوحدة

 

 

تخوض الانتفاضة الشعبية هذه الأيام تحدياً متجددا في توقيت جد صعب هو الأسوأ لها منذ انطلاق حراكها في 17 تشرين الأول الماضي.

 

ففي غمرة من «كورونا» وفي خضم أزمة اقتصادية خانقة متصاعدة مع الوقت، استأنفت مجموعات الحراك احتجاجاتها على الأرض، علما أنها لم تتوقف سوى في فترات قاهرة على الرغم من تراجع زخمها لأسباب متعددة، منها الذاتي وفيها الموضوع المتعلق بالبلاد وطبعا بوباء «كورونا» الذي لن ينتهي قريباً.

 

صدامات تؤجج الغضب

 

في الأيام الماضية، برزت تحركات جديدة للمحتجين الذين استهدف بعضهم عبر مسيرات سيارة القصر الجمهوري في بعبدا والمجلس النيابي في وسط بيروت وعين التينة حيث مقر الرئاسة الثانية ووزارة الداخلية.

 

وكعادتها، أججت السلطة غضب المحتجين عبر تعديات عليهم ووصل الأمر الى اعتقال الناشط حسين كنج أمس الأول خلال احتجاج بعبدا وإن تم إخلاء سبيله في اليوم نفسه، علماً أن تلك التحركات كانت سمتها العفوية حتى أن كثيرا من الناشطين لم يكونوا معروفين لقادة الحراك.

 

وهذا ما يفسر دوماً تمخض تلك التحركات على الأرض عن لا مركزية في الاحتجاجات كانت مفيدة في أحيان كثيرة لكن بات من الضروري تأطيرها وتوحيد جهودها لكي تشكل بديلاً للسلطة الحالية.

 

من هنا اتفقت غالبية المجموعات على تنسيق الجهود، ولما لا توحيدها، في إطار ميثاق للثورة كما يوضح العميد المتقاعد جورج نادر لـ«اللواء». والانتفاضة في الواقع تتلمس خطواتها لجمع جهود كل المكونات في ظل رغبة جامحة على هذا الصعيد تركز على القواسم المشتركة «ونحن بصدد الاتفاق على قواسم مشتركة تنتج ورقة موحدة»، حسب نادر.

 

هو لا يود توصيف ما يحضر له وما إذا كان الأمر سينتهي بجبهة أو اتحاد أو إئتلاف، ليس هذا المهم حسبه، فالجوع يدهم الجميع ويجب تنظيم النفس من دون التأمل بوحدة تنظيمية تبدو مستحيلة، بعد فترة التقطت خلالها الحكومة الانفاس بسبب طغيان وباء «كورونا» على البلاد وهو ما يعتبر نادر أنه أنقذ الحكومة.

 

«ستة وستة مكرر»

 

تستعد المجموعات لتحرك مركزي في ساحتها المعهودة والأقرب الى قلبهم السبت المقبل، وهو تجمع «ستة وستة مكرر» لكن بمعنى إيجابي حسب هؤلاء. لكن أهم ما توصل إليه المنتفضون هو التركيز على القضايا التي تحل كهواجس مؤرقة للبنانيين ويأتي الهم الاقتصادي والاجتماعي على رأسها بينما لا يحبذ هؤلاء إثارة قضايا تقسم اللبنانيين كمسألة سلاح حزب الله وهو الرأي الغالب لديهم.

 

وسينخرط هؤلاء في ورشة إعداد لعملية التغيير على الأرض. على أن الهدف الأول سيكون كما يوضح نادر في إسقاط الحكومة التي جاءت «مقنعة» عبر شخصيات موالية للقوى السياسية، قبل أن يصبح الأمر سافراً اليوم لتُعلن الشخصيات المشاركة في الحكومة ولاءاتها علناً.

 

أما الهدف الذي سيليه فسيكون إعادة تكوين المجلس النيابي الذي ستتمخض عنه السلطة المقبلة. لذا فالمسعى هو للاتفاق على مطلب موحد لقانون انتخاب يتمخض عن تاريخ 17 تشرين.

 

فاليوم، بعد أن فرضت قوة الشارع التغيير في سلوك السلطة، يرى المنتفضون أنه بات لزاماً أن تُستكمل المعركة في ما هو آت من قانون يلحظ الدائرة الواحدة مع النسبية كون الناخب في لبنان يجب أن يمثل الأمة جمعاء وهو الأمر غير المؤاتي في قانون الانتخابات الحالي الذي جاء ليعوّم الطبقة السياسية الحالية وليكرّس الطائفية والمحاصصة.

 

هي معركة صعبة جدا لكنها ستأتي في إطار تراكم تاريخي سيمتد لسنوات طويلة أو ربما لعقود، لكن نقطة البداية تبقى في التخلص من نظام طائفي ومذهبي مقيت، ولهذا السبب تجهد مجموعات الحراك للتحضير لاستحقاق الانتخابات النيابية الذي يطالب كثيرون بتقريب موعدها المقرر بعد عامين. ودخلت تلك المجموعات والشخصيات في نقاشات حول ضرورة خرق هذا الجمود في طبيعة السلطة السياسية عبر تكوين لائحة مُوحدة يمكن لها تحقيق الخرق المطلوب، من دون تحديد حجمه، وإن كان الرأي يستقر أنه إذا ما أعطيت الفرصة العادلة للجميع وفي ظل قانون سويّ، سيكون في مقدور مجموعات الحراك والشخصيات المدنية إجراء تغيير ما.

 

لا يغيب عن بال نادر وغيره من المنتفضين تحدي استثمار لا بل استغلال قوى الحكم، وليس بالضرورة قوى السلطة الحالية فقط، للمطالب المحقة للحراك.

 

وقد خرج الحراك في الأسابيع الماضية رافضا على سبيل المثال انضمام «تيار المستقبل» له تحت شعاراته الجديدة، وهو حال الحراك اليوم الذي سيرفض انضمام قادة وقيادات الأحزاب «لتسلق الثورة وحرفها عن مسارها». وهو رفض يشمل القوى المختلفة التي قد تسعى الى أهداف جزئية في المنظومة الحاكمة لمصالح تهمها فقط، لكن ذلك لا يسري على جماهير تلك الأحزاب التي قد تشكل مكسباً للحراك وزخماً له.