Site icon IMLebanon

يوم آخر من أيام الانتفاضة

 

ليس اليوم السبت يوماً استثنائياً في مسار انتفاضة 17تشرين. انه يوم آخر من أيام التعبير عن الموقف الشعبي الرافض لسلطة الهدر والفساد والإفقار والنهب والمصادرة والتهريب… ويومٌ آخر للمطالبة بتدابير حاسمة تؤسس لقيام دولة تنفذ القوانين وتلتزم بالدستور وتعيد الى اللبنانيين ثقتهم بهذه الدولة وبوطنهم السيد المستقل.

 

وليس مفهوماً كل هذا الجدل في غرفٍ مغلقة وعلى صفحات الصحف ووسائل التواصل بين من يريد النزول الى الشارع اليوم وبين من لا يريد. إنه نقاش يقترب الى الترف أكثر مما يستجيب لحاجات الناس. فالأزمة التي فجرت حركة الشارع في تشرين الماضي ازدادت عمقاً وتعقيداً. فقدان العمل اصبح القاعدة وضياع المعاشات وودائع الأيام الصعبة بات سائداً، وانهيار الليرة تحقق عمودياً… وفي المقابل لم تفعل الحكومة والقوى السياسية التي تدعمها طوال نحو أربعة اشهر الا مواكبة الانهيار ومراقبته والتصفيق له، ولم تتقدم حتى حينه بما يوحي بإمكانية الخروج من الحفرة…

 

كل ذلك يجعل الاحتجاج مهمة يومية، وهو ما حصل ويحصل في أكثر من مكان. وعندما تراجعت مظاهر الاحتجاج في بعض الأوقات، لم يكن السبب الاطمئنان الى استجابة الحكام، بل الظروف التي فرضها وباء كورونا والتدابير التي فرضتها الحكومة، وكذلك نقاشات مثل التي أنتجت هذه المواقف من مشروعية التظاهر السبت أو الأحد!

 

السلطة تخشى التظاهر ضدها ولذلك تشارك بنشاط في تمزيق روحية الوحدة التي ميّزت الانتفاضة، وفي مواقف بعض أطراف هذه السلطة ما يكفي من غضب وتهديد للذين يتجرأون على الاحتجاج. ونجد هنا من صنّف الانتفاضة سلفاً بأنها تنفذ مشروعاً اسرائيلياً، كما نجد استطراداً من دعا صراحةً لإطلاق النار على المحتجين.

 

على ان التهديد لم يكن يوماً علاجاً لمطالب مشروعة لا تحتاج الى إثبات. فالحق في حياة آمنة طبيعية، في العلم والعمل والصحة، ليس برنامجاً انقلابياً، وهو لن يكون كذلك الا في رؤوس من لا يريدون للبنانيين ان يطمئنوا الى حاضرهم ومستقبلهم في دولة نظام وقانون وديموقراطية. ولذلك يصبح التظاهر اليوم وفي كل يوم من بديهيات الأمور، والسؤال هو عن حجم الحضور وليس عن الشعارات المعروفة من دون ان تُرفع، فبقدر ما يكون الحضور كثيفاً في الساحات، بقدر ما يتغلب الرأي العام على طفيليات الاستغلال والأندساس، وعندما فرغت الساحات سابقاً لم تبق فيها سوى خيم احزاب السلطة واجهزتها التي سرعان ما أصبحت غير ذات قيمة وسط موج المحتجين.