IMLebanon

معادلة جديدة

 

ما حدث يوم السبت مع الثوار الذين تظاهروا تحت شعارات إسقاط النظام وانتخابات نيابية مبكرة، وتشكيل حكومة جديدة مع شعار «كلّن يعني كلّن».

 

صحيح ان الثورة بدأت في 17 تشرين الأول، والصحيح أيضاً انها توقفت بسبب ڤيروس كورونا، ولولا الڤيروس القاتل، لما عاشت هذه الحكومة وهذا العهد الى يومنا هذا، المثل القائل: «رب ضارة نافعة» ينطبق مائة بالمائة على أنّ هذا العهد بقي بسبب «الكورونا»، فجاء الوباء لتطويل عمر هذا العهد. ماذا جرى يوم السبت؟ شعارات الثورة باقية، لم يتغيّر منها شيء، إلاّ شعار سلاح «حزب الله»، صحيح انّ هذا الطرح كان مطروحاً من قبل، ولكن طرحه كان ضعيفاً، أما اليوم وبعد المصائب الصحّية المتمثلة بـ«كورونا»، وبعد انهيار الأوضاع الاقتصادية، وبعد رفض الدولة أن تسدّد ما عليها من ديون، وبعد فشل الإصلاحات المطلوبة من مؤتمر «سيدر» منذ ثلاث سنوات، والذي كان يشترط جملة من الإصلاحات أهمها الترشيد في التوظيف، الى ملف الكهرباء الذي يشير الى الإنتقال من الفيول الى الغاز الذي يوفر ملياراً ونصف المليار دولار سنوياً، الى تعيين مجلس إدارة، الى الهيئة الناظمة، بالإضافة الى ضبط المعابر غير الشرعية. كل هذه المطالب، لم ينفذ الحكم منها بنداً واحداً. والمشكلة الحقيقية اليوم في تعثّر البنوك تكمن في أنّ المواطن وضع أمواله في هذه المصارف والمصارف بدورها أُجْبِرَتْ على تديين أموال المودعين للدولة، لتسدّد بها رواتب الموظفين والجيش وقوى الأمن، إضافة الى 2 مليار دولار خسائر الكهرباء.

 

وهنا لا بد من الحديث عن موضوع الكهرباء:

 

أولاً: في كل بلدان العالم يعتبر قطاع الكهرباء مربحاً، ويتهافت المواطنون على شراء أسهم في شركات الكهرباء، إلاّ في لبنان، فالدولة أي الشعب يخسر ملياري دولار سنوياً بدلاً من أن يربح.

 

ثانياً: ان المواطن يدفع ثلاث فواتير للكهرباء: الأولى لشركة الكهرباء، والثانية للمولدات، والثالثة للمولد الخاص به.

 

نعود الى المعادلة الجديدة التي أطلّت علينا اول من امس، وهي أنّ أي رفع لشعار سلاح المقاومة، سترد عليه المقاومة بإثارة الفتنة الطائفية. وهذه المرّة باتت هذه المؤامرة مكشوفة ومفضوحة. فالذين اعتدوا على المتظاهرين الذين يرفعون شعار: لا لسلاح «حزب الله»، لم يكتفوا بالإعتداء على المتظاهرين في الرينغ والخندق الغميق بل امتدت الى فتح جبهة جديدة، هي جبهة الشياح – عين الرمانة حادثة بوسطة عين الرمانة، والتي تذكرنا ببداية الحرب الأهلية عام 1975.

 

هنا لا بد من التوقف أمام هذه الأحداث، وخوفاً من تداعياتها، سارع رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري الى طلب الهدوء مشيراً الى أنّ الفتنة تطلّ برأسها لاغتيال الوطن ووحدته الوطنية وتستهدف سِلمه الأهلي. وأكد أنّ التطاول أو الإساءة للمقدّسات والرموز والحرمات الاسلامية والمسيحية مُدان ومُستنكر، فكيف إذا ما طاولت زوجة نبي الرحمة السيدة عائشة.

 

أمّا رئيس الحكومة السابق سعد الحريري فقد غرّد عبر «تويتر» كاتباً: أتوجّه الى كافة المواطنين الذين هالهم التعرّض لأم المؤمنين السيدة عائشة، منبّهاً الى إلتزام حدود الوعي والحكمة وعدم الإنجرار الى ردّات فعل. وناشد الأهل والأحبّة في كل المناطق أن تأخذ بدعوة دار الفتوى وتحذير الجماهير من الوقوع في فخ الفتنة. وهنا لا ننسى أيضاً تصريح رئيس الجمهورية الذي أدان التعرّض للرموز الدينية من أي طرف جاءت، وأدان الإعتداءات على المتاجر والمؤسّسات والقوى العسكرية والأمنية.

 

وأضاف: إنّ كلمة إدانة لما حصل لا تكفي، لأنّ أي تعرّض لأي رمز ديني هو التعرّض للعائلة اللبنانية بأكملها… ثم أضاف انه يتوجه الى ضمير كل سياسي وروحي، وممّن عايش أحداث 1975، محذراً من المساس بمقدّسات بعضنا البعض الدينية والروحية التي تؤدي إذا استعَرّتْ الى تقويض الهيكل علينا جميعنا.

 

وهنا أيضاً لا بد من شكره على قيامه بواجباته الدستورية، متمنين عليه العمل بمبدأ: إبدأ بنفسك ثم بأخيك… وهذه إشارة لما يجري داخل بيته وبين الأصهرة والبنات، وهو أمر لا يعطي مثلاً تقتدي به العائلات اللبنانية.

 

وكلمة أخيرة نقولها: إنّ رفع شعار إسقاط سلاح «حزب الله» وهو بداية النهاية، بمعنى أنّ علينا أن نتذكر ما قاله الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي:

 

إذا الشعب يوماً أراد الحياة

 

فلا بد أن يستجيب القدر

 

ونتذكر هنا الفلسطينيين يوم رفعوا شعاراتهم، ونتذكر السوريين كذلك بعد بقائهم 35 سنة في لبنان، وكيف اضطروا الى الخروج منه.

 

عوني الكعكي