IMLebanon

جموع التغيير المقبل تتحفّز للإنطلاق

 

عمر الحكومة القائمة، بات يقاس بالأيام بل بالساعات قبل أن تصبح حكومة تصريف أعمال، وبات عليها في جلستها المقبلة أن تسعى جهدها لتمرير أقصى قدر ممكن من القضايا والمسائل والمشاكل العالقة، لتكون قراراتها في مطلق الأحوال، بداية لمرحلة حافلة بالمستجدات الدراماتيكية التي أطلت على البلاد منذ بدايات المرحلة الإنتخابية، في الخارج الإغترابي الفسيح أولا، وفي صلب البلاد ثانياً، بكافة أرجائها وتوجهاتها والإستحقاقات ثقيلة الوطء والوقع، التي تكدّست وتعمّقت في جذورها، إلى درجة أوصلتنا فيها المراحل الإنتخابية إلى حصيلة قلبت كثيرا من أوضاعها وأوجاعها وأماكن الشذوذ والمناكفة، والسقوط في مهاوي الخراب والدمار والآفات الإجتماعية والحياتية المتفاقمة. الغضب الشعبي الساطع، وإردة التغيير التي نشأت مع التحركات الثورية منذ 17 تشرين التي سبق أن انطلقت بجموعها في البلاد، وتمكنت القوى السياسية الممسكة بزمام الأوضاع من وضع الأسافين المشرذِمة في وجه تطوّر الأحداث إلى مرحلة تغييرية تنقل البلاد من حال التراجع والتقوقع والإنتماء إلى السطوة الإيرانية، إلى مرحلة متأثرة بالمناخ الثوري والإرادة التغييرية، والأجواء السيادية.

وبعد… وانطلاقا مما هو محدد أعلاه، جاءت نتائج الإنتخابات، وقد تضمنت جملةً من المتغيرات الإنقلابية تمثّلت في خسارات هامة على صعيد فريق «الممانعة» وبصورة خاصة في صفوف المؤيدين والموالين للسلطة القائمة، وليست قليلة، تلك الخسارات التي طاولت أركاناً هامة منهم كانوا في طليعة المساندين للحزب والمندفعين في تأييده، واصبحوا اليوم خارج الندوة النيابية، وبعيدا عن أدوارهم في إطارها، وانقلب الإطار التمثيلي البرلماني رأسا على عقب، حيث تمكّنت نخبة من الطلائع الثورية والتغييرية، من تحقيق نجاحات حاسمة أدخلت إلى «الخنوع» النيابي السابق وموبقاته روحاً جديدة وطاقة متوثّبة للمواجهة والمجابهة والإصرار على المواقف الرافضة للأوضاع المتمسكة بالحكم والتحكم، والمتمكنة من قيادة البلاد في إطار شامل، والساعية دوما إلى مزيد من الإطباق الكامل عليها. كما تمكنت «القوات اللبنانية» وبعض القوى الأخرى ذات الطابع السيادي، من قلب الأحوال المسيحية رأسا على عقب، بحيث أصبحت التواجد المسيحي الأكبر والأوسع إنتشارا وتمثيلا، وذلك على حساب التيار الوطني الحرّ، الذي فقد صدارته وتراجع انتشاره وفقد كامل طموحاته الرئاسية المحتملة لرئيسه جبران باسيل، رغم استمرار هذا الأخير في إطلاق جملة من المواقف والتعليقات المتجاوزة لكثير من أصول المخاطبة الرصينة والمقبولة، لعل أغربها وأعجبها، زعمه بأنه ما زال الرقم 1 في الوضعية المسيحية.

وبعد، لا شك في أن التوازنات التي كانت قائمة في المجلس النيابي السابق «رحمه الله»، قد تبدلت رأسا على عقب، وتُلحظ دون شك، اهتزازات عنيفة بالغة الأثر في أوساط الجهات كافة، بما فيها تلك الأوساط المؤيدة لحزب الله، حيث باتت جهاته التي احتفظت باحترامها وتأييدها للحزب وسيّده، إلا أنها باتت تجهر في الوقت نفسه بأوجاعها الحياتية التي باتت تطاولها كسائر المواطنين اللبنانيين، متمثلة بالجوع والمرض وسائر ثغرات الحياة اللبنانية المؤلمة والمتفاقمة، وهي لا تفرّق بين مواطن وأخيه المواطن الآخر، في المعاناة الإجتماعية والحياتية، وتطلق الشكاوى والآلام والأوجاع نفسها، الأمر الذي تزحف مؤشراته بسرعة هائلة، وقد فشلت السلطة «العلية» في إيجاد الحلول المؤدية إلى حماية الوطن والمواطنين من أعمال السرقة والنهب والسمسرة ووضع اليد على كل خيرات البلاد وثرواتها وعلى أموال المودعين، خاصة منهم، أصحاب الدخل المحدود الذين تمكنوا من جمع بعض المال هو بمثابة جنى عمر وكفاح طويل سعيا منهم إلى تـأمين آخرة محترمة لهم بعد عمرٍ طويل وكفاح حياتي يمكنهم في نهايته من حفظ كراماتهم وتأمين نهايات كريمة لأعمارهم المتقدمة.

وبعد: جيل جديد من المسؤولين دخل في إطار المسؤولية في بلاد تحتاج فيها أوضاعها السائبة إلى أمثالهم من الثوار والتغيريين والنشطاء المنزّهين عن المىآخذ والمثالب. كردة فعل أولية، نسمع بعض التهديدات بردّات فعل حربجية تلوّح بالويل والثبور وعظائم الأمور، في حال أثمرت الأوضاع الجديدة عن مواجهات ومجابهات حادة الوقع والأثر. يؤسفنا ما نسمعه وما تُهدّدُ البلاد به ولكنها سُنّة الحياة وسُنّة النتائج المنتظرة من أحوال السوء والتدهور. نبتهج دون شك للنتائج التغييرية الحاصلة، لأنها بوادر عملانية لا بد من وجودها لمباشرة عملية الإنقاذ والخلاص. وفي مطلق الأحوال، وقانا الله من شرور التطورات السلبية التي شاء البعض أن يهدّدَ بها ويتوعد.