تعتبر القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء أمس تاريخية بكل ما للكلمة من معنى، ولن نعدّدها هنا فهي بمتناول القارئ داخل هذا «الشرق». وهي ترتقي الى مستوى الثورة.
إنها «ثورة من فوق» لا شك في أن الفضل في تسريع دراستها وإعلانها يعود الى «الثورة من تحت» التي نعتقد بأنها أدّت دور المحفّز وأيضاً الدافع الأكثر فاعلية.
ولكن يبدو أنَّ بعض الذين يسيّرون جانباً من الحراك الشعبي في الشارع يعمل على قاعدة «عنزة ولو طارت». نقول «جانباً» من الحراك لأننا نعرف أن الأكثرية الساحقة من الذين حققوا ثورة الشارع ليسوا مرتبطين إلاّ باقتناعاتهم وبوطنيتهم.
قد يكون ما توصل إليه مجلس الوزراء، غير كافٍ.
ولكنه، في حدّ ذاته، خطوة كبرى لا يمكن ولا يجوز التقليل من أهميتها وما قد يترتّب عليها من إيجابيات على صعيد السوق المالية والنظرة الدولية إلى لبنان.
ويبدو من ردود فعل الشارع الفورية على هذه التدابير الإصلاحية المهمّة أن هناك قراراً متخذاً سلفاً ومعمّماً على الأنصار من قبل قيادات حزبية بالرفض والاستمرار في الاعتصامات والتظاهرات… وعلى حدّ ما قال بعضهم في المقابلات التلفزيونية مع الناس المتواجدين في ساحات الإنتفاضة: «بدّنا نواصل شلّ لبنان كله».
سنواصل شلّ لبنان؟ يعني أن «أخذ أسرارهم من صغارهم» كشف «التعليمة» المعطاة والمعممة… «شلّوا لبنان».
بمعنى آخر أنّ الهدف ليس تحقيق المطالب، إنما تعطيل مسار الحياة والانتظام في هذا الوطن. طبعاً نكرّر أنّ هذا ليس في خلفية الأكثرية الساحقة من الجماهير الحاشدة التي «نزلت» الى الشارع لا من أجل التعطيل إنما للتعبير عن المعاناة الشديدة التي هي العنوان العريض للحياة في لبنان.
1 Banner El Shark 728×90
وثمة ملاحظتان:
١- يجب الإعتراف بأنّ الثقة المفقودة بين المواطن والمسؤول لا يمكن استعادتها ببساطة أو سهولة. لذلك شكك المتظاهرون الطيبون الأبرياء بالمقررات، لأن لا ثقة لهم في تنفيذها على يد السلطة.
وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها أو القفز فوقها.
٢- يقول المتظاهرون إنهم لا يريدون قرارات بل يريدون تنفيذاً. إنهم يستعجلون. وبل يخشون إذا انسحبوا من الشارع أن توضع تلك التدابير على الرف أو «في الجارور». ولكن يفوت هؤلاء أن لبنان بلدٌ فيه نظام ديموقراطي برلماني. وهناك آلية لاتخاذ القرار ولتنفيذه.
ولسنا أمام نظام ديكتاتوري آحادي يُتخذ فيه القرار وينفذ بإرادة الديكتاتور. لسنا هنا مع صدام حسين أو معمر القذافي أو هتلر ولا حتى في كوريا الجنوبية وأمثالها من بلدان… فالمشروع يتخذ في مجلس الوزراء ويحال على مجلس النواب ليدرس قبل أن يصبح قانوناً.
الأمر الوحيد الممكن في هذا المجالس هو تكثيف الاجتماعات للتسريع ولوضع المقررات موضع التنفيذ.
وأمّا إلغاء ودمج إدارات بينها الاستغناء عن وزارة الإعلام فهذا مطلب أثير عندي، كتبت فيه ما لا يحصى من المقالات طوال خمسة وثلاثين عاماً… ولكن حذار التلاعب بمصير وحقوق الموظفين والعاملين فيها.