برّي والحريري وجعجع متفهمون لهواجس رئيس الحزب التقدمي
ثورة جنبلاط تفرمل القانون النسبي وتضع في الواجهة قانون الستين
“هذه الأسباب بات من الصعب جداً التوصّل إلى قانون للانتخابات سواء على الأساس النسبي أو على أساس الأكثري”
دأب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، منذ أوّل جلسة عقدتها حكومة استعادة الثقة، على توجيه نقد لاذع، لكنه مبطن، مرفقاً بالتحذير من استهداف الطائفة الدرزية في قانون الانتخابات الذي تجري المشاورات بين مختلف القوى السياسية والحزبية حوله، بعيداً عن الأضواء.
وإذا كانت المخاوف الجنبلاطية تتّصل بشكل خاص بقانون الانتخابات الذي يسعى فريق وازن كالرئيس نبيه برّي لإقراره على الأساس النسبي أو المختلط مراعاة لرغبة رئيس الحكومة سعد الحريري وحليفه رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، فإن هذه المخاوف وصلت الى الجهات المعنية بوضع قانون جديد للانتخابات يراعي هواجس كل المكوّنات اللبنانية، وقد عبّر عنها رئيس حزب «القوات» بتغريداته التي أكّد فيها انه لا يقبل بإقرار أي قانون للانتخابات النيابية لا يرضى عنه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وأعقب هذه التغريدة باتصال هاتفي اجرته النائب ستريدا جعجع مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، نقلت فيه الى النائب جنبلاط تطمينات رئيس «القوات».
ولا شك بأن رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي يربطه حلف تاريخي برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي لن يُقدم على أي خطوة يفسّرها حليفه التاريخي بأنها تستهدفه مباشرة، وسوف يلتقيه قبل الإقدام على أية خطوة على صعيد قانون الانتخابات، ليبدد هواجسه ويطمئنه إلى انه لن يُقدم على أية خطوة أو يوافق على أي قانون يطال من الحيثية الجنبلاطية على الصعيد الوطني أولاً، وعلى صعيد الطائفة الدرزية في كل الأحوال.
لكن هذه التطمينات التي أتت من رئيس حزب «القوات اللبنانية» والتي ستأتي من رئيس حركة أمل، لا تُبدّد الهواجس الجنبلاطية بدليل مواصلة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي تغريداته التي يعبّر فيها عن استيائه من تعاطي بعض الأطراف معه على أنه مجرّد زعيم سياسي، فيما يعتبر نفسه انه يمثل حيثية وطنية لا تقل شأناً عن المكونات السنية والشيعية والمارونية، وتبعاً لذلك بات يخشى من خلال قانون الانتخابات المزمع الاتفاق على اقراره تركيبة سياسة جديدة رسمت ملامحها عبر التحالفات السياسية الجديدة التي سبقت انجاز الاستحقاق الرئاسي، وتضم الى الرئيس ميشال عون، رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ما جعله يخشى من ان تكون الصفقة السياسية التي تطبخ نار التفاهمات التي انجزت الاتفاق على النفط تتعداها لتشمل قانون الانتخابات الذي بدأ الكلام عن طبخة وسطية بين الأكثري والنسبي وضعت على نار حامية بعد الاجتماعات التي عقدت بمعزل عن جنبلاط بين القوى الأربع المشار إليها. تُرى هل الهواجس الجنبلاطية في محلها، أم انها مجرد حركة استباقية للوصول الى اتفاق على القانون المختلط الذي وافق عليه هو وكل من تيار المستقبل وحزب «القوات اللبنانية» او العودة الى قانون الستين بعد أن تدخل عليه تعديلات طفيفة؟
ثم جاء موقف آخر أساسي يبدد هواجس النائب جنبلاط وهو ما أعلنه الرئيس سعد الحريري امام نقابة الصحافة التي زارته أوّل من أمس من التأكيد على الزعامة الجنبلاطية للدروز من تطمينات إلى رفض أي قانون للانتخابات ينتقص من هذه الزعامة وبذلك يكون الرئيس الحريري التقى مع رئيس حزب القوات ومع رئيس مجلس النواب على طمأنة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الى أن الثلاثة ليسوا على استعداد للسير في أي قانون للانتخابات لا يقبل به رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ويعتبره مجحفاً بالطائفة الدرزية أو يستهدفها بشكل أو بآخر.
ومثل هذه الأسباب بات من الصعب جداً التوصّل إلى قانون للانتخابات سواء على الأساس النسبي او على أساس الأكثري في المدة التي تفصلنا عن موعد الانتخابات في ايار المقبل، وأصبح بالتالي قانون الستين الوحيد الباقي نافذاً لاجراء الانتخابات على اساسه مع إمكانية اخضاعه لبعض التعديلات الطفيفة التي من شأنها ان تعدل في صحة التمثيل لصالح النواب المسيحيين من جهة، ولا تؤذي الوجود الدرزي الذي يتذرع به النائب جنبلاط عندما تطرح النسبية، وهذا ما أكده امس نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري وجزمه بأن الانتخابات النيابية القادمة ستجري على أساس قانون الستين معدلاً.
وبكل الأحوال فان ثورة جنبلاط على القانون النسبي وتعاطف الأقطاب الثلاثة برّي والحريري وجعجع معه، لا بد وأن «يفرمل» القانون النسبي ويضع مجلس النواب امام خيار الابقاء على قانون الستين أو القبول بالمختلط المقدم من الثلاثي تيّار المستقبل وحزب القوات والحزب التقدمي الاشتراكي وعدم التعرّض للتقسيمات الإدارية والانتخابية الواردة فيه والتي تشكّل تطمينات كافية لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي.