Site icon IMLebanon

الثورة  

 

المواطنون الذين تدفقوا الى الشارع جماعات جماعات يمثلون وجهاً مشرقاً اشتاق إليه اللبنانيون.  وما الإقبال الكبير جداً على المشاركة في هذه الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة إلاّ الدليل القاطع على أنّ الناس لم تعد تتحمل! وإلاّ كيف يكون  قرار «الواتس أب» بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير؟!

 

حتى الانتفاضة الشعبية الضخمة إثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري كانت انتفاضتين إحداهما في ضفة والثانية في ضفة أخرى. أي أن الانقسام العمودي كان على كل شيء… أمّا الحراك الاستثنائي الذي نشهده منذ أربعة أيام والذي يتفاعل متصاعداً فهو وحّد الناس ربّـما للمرة الأولى في تاريخ هذا الوطن. وخصوصاً منذ العام 2005.

 

وكان من الضروري أن يستمع المسؤولون الى أنين الناس، وأن يستشعروا آلامهم، وأن يدركوا جوعهم، وأن يتأملوا في أحوالهم.

 

فهل يجهل أحدّ أن لا وظائف، لا مقوّمات للحياة في مفاصلها كافة.

 

لا أفق مفتوحاً. فالطبيعي أن ينتفض المواطن، وأن يتدفق اللبنانيون على ساحات الحراك، وأن تعم هذه الساحات المناطق والمدن والبلدات والطرقات كلها. ولا يصح تحت أي تفسير أن تكون هذه الجماهير الحاشدة «متواطئة» أو قد استدرجت الى الانتفاض، أو أنها في صميم «المؤامرة».

 

نقول هذا من دون أن يفوتنا للحظة واحدة أنّ هناك من حاول أن يستغل آلام الناس وصدق مقاصدها، ولكنّه لم يلقَ سوى الخيبة، ولن يلقى سوى الخيبة….

 

من هنا رأينا بعض من كانوا محرّضين وقع في الفخ الذي نصبه لغيره، بعدما لقي صدوداً من الساحات كلّها.

 

ولا يمكن أن نتجاهل هذه الروح الوطنية اللبنانية الصادقة التي عصفت بالناس جميعاً، فتركوا خارج ساحات الحراك عصبياتهم وانتماءاتهم الحزبية والطائفية والمذهبية، فالتقوا إخواناً وقد اكتشفوا، وربما نحن أيضاً «اكتشفنا» أنّ ما يجمعهم أكثر بكثير ممّا يفرق بينهم.

 

وهذا كله جميل… ولكن ماذا بعد؟

 

إن ما يجري هو ثورة بكل ما للكلمة من معنى. وأهم ما فيها أنها ثورة سلمية الى أبعد حدود السلم والسلام…

 

ولقد يكون مطلوباً لفت عناية هذه الجماهير الهادرة بوجعها وبما تختزن في طواياها من قهر وظلم الى أنّ الثورة ليست انقلاباً عسكرياً، إنما هي حراك تترتب عليه نتائج ذات وجهين: وجه بالغ الإيجابية ووجه بالغ السلبية إذا أُسيء التعامل مع الوجه الإيجابي وليحمِ الله لبنان.