IMLebanon

الثوار في نظر سائح مميز  

 

لم يصدق السائح الأوروبي عينيه أمام المشهد الذي لفته بإهتمام كبير. وإثر عودته الى بلده وجه الى أصدقائه في لبنان رسالة مطّولة عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي، أود أن أعمم فائدتها على قراء «الشرق». كتب يقول:

 

(…) وأكثر ما أثار عنايتي أنكم شعب حيّ لم أعرف طوال حياتي شعباً آخر يجاريه في وطنيته.. ما غيّر انطباعي السابق عن اللبنانيين، وأنا قدر لي أن أزور بلداناً عديدة في مختلف أنحاء العالم، وأن أكون شاهداً على حراكات وانتفاضات وثورات.

 

ومضى يوضح: كانت الهتافات تشق العنان، يطلقها الثوار في إحدى ساحات التظاهر والاعتصام، وكنّا نعبر طريقاً لا يبعد أكثر من عشرة أمتار، وإذا بالسائق (اللبناني) يقف،  وراء رتل السيارات، على الشارة الحمراء. أي أن المواطن اللبناني يلتزم بقانون السير حيث لا رجال شرطة يحاسبون ولا كاميرات تصوّر، في وقت معروف عنكم عموماً عدم التقيد (… كثيراً) بالأنظمة والقوانين! إنه مشهد لن أنساه ابداً.

 

وأضاف: أمضيت في لبنانكم نحو عشرين يوماً، وقد وصلتُ الى بيروت غداة انطلاق الأحداث… وكنت مندهشاً بالانضباط الذي أظهره الحراكيون… علماً أن أقل من هذه الجماهير بكثير، وأصغر من هذه الثورة بكثير، وأسباب موجبة لا تقارن إطلاقاً بتبرير الثورة لو حدثت في أي بلدٍ آخر من بلدان العالم لكانت الأحداث قد شهدت أعمال شغب لا حدود لها، ولكانت أسفرت عن قتلى وجرحى، وتهديم وتخريب، وكسر وخلع…. بينما الثورة عندكم كانت، حتى الآن، سلمية بالمعنى الحقيقي للكلمة، وآمل أن تبقى على هذا المنوال وهذا النهج، لتبقى منزهة نظيفة نقية طاهرة، وهو ما ليس له مثيل في العالم كلّه. وأنا هنا لا أقارنكم بما يحدث في جوار بلدكم العظيم لبنان (أمثال العراق وتركيا وإيران وسواها) بل مقارنة ببلدان عالمنا الأوروبي الذي تسمّونه عالماً أوّل. أنتم فعلاً العالم الأول.

 

ثم انتقل السائح الأوروبي الى الشؤون السياسية معلناً موقفه مما يتردد عمّن «يقف وراء الثورة».. وهو ما أسهب فيه وليس المجال رحباً لإيراد النص الذي دوّنه… وختم بالآتي: «شعبكم هو الوجه المشرق والنموذج الذي يُحتذى».

 

لقد حرصتُ على أن أنقل بعضاً من هذه الرسالة القيّمة التي جعلتني أشعر بالاعتزاز والفخار، خصوصاً أنّ كاتبها هو سفير متقاعد مثّل بلده في بضعة بلدان من مشارق الأرض ومغاربها بينها بلدانٌ مصنفة عالماً أول وسواها مصنفة عالماً ثالثاً وما بين التصنيفين. وكم كان كلامه مؤثراً في اتصال هاتفي أعقب الرسالة المدوّنة وهو يقول: يا صديقي كن واثقاً إنني سأظل أشهد للبنانكم العظيم ما بقيت حياً.