IMLebanon

«ثوار» يلتحقون بالكتائب وشركاه: لإسقاط السلاح وانتخابات مبكرة

 

 

وقعت مجموعات تصنّف نفسها في إطار «انتفاضة 17 تشرين» في فخ الأحزاب السياسية ذات الأجندة الواضحة التي تستهدف سلاح المقاومة، فقررت بكامل ارادتها أن تنجرّ الى تحرك دعت إليه تلك الاحزاب، بشعار «إسقاط السلاح» والانتخابات النيابية المبكرة. والنتيجة: السبت المقبل، تلتحق مجموعات من الانتفاضة بتحرك حزب الكتائب وحزب سبعة ومجموعة «أنا خط أحمر»، تؤازرهم «المنتديات» التي يموّلها بهاء الحريري. وبدل أن يفرض «الثوار» توقيتهم ومطالبهم، فُرض عليهم التوقيت والشعار. ورغم أن ردة الفعل على رفع شعار سحب السلاح والمطالبة بتطبيق قرار مجلس الامن رقم 1559، دفعت برعاة تظاهرة السبت إلى التخفيف من استخدام هذا «المطلب»، إلا انه بقي حاضراً على وسائل التواصل الاجتماعي. وطرحه في الساحة لا يحتاج إلى اكثر من أفراد يحملون لافتات، وبعض الأصوات التي تفتح لها الهواء محطات التلفزة المتحمّسة للتظاهرة، ولهذا الشعار أيضاً، وعلى رأسها قناة «أم تي في».

 

التبرير الرئيس لمختلف المجموعات التي تنوي المشاركة السبت هو أن «المواطن لا يدري من الجهة الداعية وسيشارك لأن الكتائب و«سبعة» و«أنا خط أحمر» دعوا عبر وسائل الاعلام. بالتالي لا يمكن ترك الأرض لهم ليعبثوا بها كما يريدون». لكن هذا ليس لبّ القضية. الجوهر هنا هو اعتراف تلك المجموعات ضمنا أنها تلعب الدور الذي سبق أن لعبته الأحزاب السياسية باستغلال التحركات للانضواء ضمنها ومحاولة استمالتها لمصلحتها السياسية. واذا كان هذا الاستغلال مبرراً ومتوقعاً من أحزاب السلطة، فإنه غير قابل للتبرير ممن يقدم نفسه للشارع على أنه رأس حربة محاربة الفساد والفاسدين ورفض منظومة السلطة كاملة تحت شعار «كلن يعني كلن». سابقا، كان يمكن سماع البعض يستشرسون في مقابل أي تلميح بقطع الكتائب لطريق هنا وحرق القوات دواليب هناك، ويضعون ذلك في اطار «التخوين الدائم المعتمد من السلطة». ثمة فرصة أتيحت اليوم لاثبات العكس عبر فضح الأحزاب السياسية وتركها في الشارع وحيدة تتخبط بشعاراتها ومحاولة تسلق الانتفاضة. الا أن أحدا من المجموعات الكبيرة لم يمتلك جرأة الاعلان عن ذلك بوضوح وكشف مصدر دعوة 6 حزيران أمام الرأي العام، والقول بصراحة للمواطنين إن هذا التحرك لا يمثله، وإنه ليس الجهة الداعية له. بل اختار بعض «المنتفضين» التعليق على ما يجري بخجل، حتى أن بعضهم أنكر محضر الجلسة المسرب عن اجتماع للمجموعات التي تنسق كل المسيرات على الأرض كالحزب الشيوعي وشباب المصرف وبيروت مدينتي ولحقي والمرصد الشعبي لمحاربة الفساد ومنظمة العمل الشيوعي والحركة الشبابية للتغيير وغيرها. وثمة من نفى مضمون المحضر تارة عبر القول انه غير دقيق وطورا عبر انكار حصول أي تصويت على المشاركة يوم السبت. خلال الاجتماع تم الحديث بوضوح، بحسب المحضر، عن «دعوة «حزب الكتائب» و«حزب سبعة» و«أنا خط أحمر» وبعض مجموعات الثورة الى تحرك 6 حزيران بعنوان واحد هو الانتخابات النيابية المبكرة، مع ابقاء مشاركة النائب شامل روكز والعسكريين المتقاعدين غير محسومة». وقد قالت المجموعات، بحسب المحضر المسرّب ايضاً، إنها «تنجرّ الى هذه التظاهرة بسبب غيابها عن الساحة وغرقها بتحركات وملفات محددة».

 

القوات تشارك ولا تشارك

على الاثر، وبسبب غياب الموقف الواحد حول هذا التحرك، برز انقسام لدى المجموعات، منها من قرر المشاركة ليعود ويعلن عدم مشاركته ومنها من ينتظر حتى يوم السبت للاعلان عن قراره. لكن الكل يتحدث عن اصرار على حمل شعارات تناقض شعارات الأحزاب السياسية والسعي الى «عدم ترك الساحة لمن يريد استغلالها واستعمالها لتنفيذ أجندته الخاصة». وسط هذا المشهد، ينفي حزب الكتائب أن يكون هو المنظم والداعي للنزول الى الشارع، مستغربا «الضجة المفتعلة علما أن المكتب السياسي اعتاد دعوة الناس الى النزول في غالبية تحركات مجموعات الانتفاضة منذ 17 تشرين». ويشير عضو المكتب السياسي في الحزب سيرج داغر لـ«الأخبار» إلى أن «المبادرة أتت من ثوار المناطق الذين زارونا وتم التطرق الى موضوع الانتخابات النيابية المبكرة وهو شعارنا، فأعلنا دعمنا للتحرك». لكن تقول المجموعات أنها لم تنسق معكم وأنكم أنتم من نظم ويحشد عبر التلفزيونات لهذا النهار؟ «نحن نسقنا بوضوح مع تنسيقيات المناطق. نحن جزء من هذه الانتفاضة وأي طرف ينظم تحركا نوافق على عنوانه سندعمه تلقائيا».

وفيما دار الحديث حول مشاركة حزب القوات أيضا، نفى رئيس جهاز الاعلام والتواصل في الحزب شارل جبور ذلك، قائلاً لـ«الأخبار« إن القوات أبلغت محازبيها ألا دعوة رسمية من قبلها ولا هي من بين المنظمين، كما أنها غير معنية بالدعوة: «نحن لم ندع للمشاركة ولا لعدم المشاركة. هناك أناس من بيئتنا يعتبرون أنهم معنيون بالمشاركة والعكس صحيح. فمحازبونا جزء من الوجع الذي يعيشه الكل ويعانون الجوع مثلهم مثل غيرهم لذلك تركنا الحرية لهم. وللقوات 3 مطالب رئيسية اليوم، احدها الانتخابات النيابية المبكرة وتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين والعمل لانقاذ الوضع العيشي والاقتصادي». وتقول مصادر معنية إن القوات دأبت على عدم إعلان مشاركتها، لكي لا تتحمّل المسؤولية، وتتلطى خلف مقولة «تركنا الحرية لمحازبينا».

 

الشيوعي لا يشارك

في سياق آخر قال عضو قيادة قطاع الشباب والطلاب في بيروت في الحزب الشيوعي محمد بزيع إن «الحزب لن يشارك في التظاهرة، ونرى أن هذا التحرك هو تحرك قوى تمثل الثورة المضادة وفق برنامج عمل وشعارات بعيدة كل البعد عن مصالح الناس حاليا». علما أن لقاء التغيير الذي عقد اجتماعه الدوري أمس في مقر الحزب الشيوعي في بيروت لم يتطرق لا من قريب ولا من بعيد الى عدم المشاركة، اذ وجه اللقاء «تحية إلى مناضلي الانتفاضة الذين حافظوا على روح الثورة، وهم يتأهبون لاستئناف التحرك في الشوارع والساحات». وأكد اللقاء «أهمية التحرك تحت راية القضايا والشعارات ذات الأولوية لدى اللبنانيين في هذه المرحلة». في المقابل، مجموعات «صيدا تنتفض» سبق ان اعلنت بوضوح رفضها لتحرك السبت في بيروت، داعية إلى تظاهرة في عاصمة الجنوب اليوم. وأصدر كل من «مجموعة شباب المصرف» و«الحركة الشبابية للتغيير» و«الشعب يريد إصلاح النظام» و«طلعت ريحتكم» بيانات منفصلة أعلنت فيها رفضها المشاركة السبت، لأن هذا التحرك يحمل شعارات وأهداف سياسية لا تشبه توجهاتها.

 

تنفي القوات مشاركتها في تحرك يوم غد قائلة إنها «تركت الخيار» لمحازبيها

 

كذلك رفضت المشاركة مجموعات من «هيئة تنسيق الثورة»، في ظل انقسام جدي بين العسكريين المتقاعدين. ففيما أعلن العميد المتقاعد جورج نادر المشاركة، سرت معلومات ليل أمس عن ان النائب شامل روكز قرر الانسحاب من تحرك الغد، من دون تاكيد ذلك من قبله. ومن المنتظر أن يعلن «ائتلاف بناء الدولة» و«حركة وعي» وآخرون موقفهم اليوم، فيما أعلنت «بيروت مدينتي» عقب اجتماعها مشاركتها «بقوة» في التحرك، طالبة من الجميع ملاقاتها في الساحة «لاستكمال ثورة ١٧ تشرين التي تمثل كل الناس». كذلك أصدر «المرصد الشعبي لمكافحة الفساد» بياناً فُهم منه أنه مشارك غداً، إذ أعلن فيه التزامه «التحرك المستمر في الشارع وتجميع الفئات الثورية بمواجهة كل قوى السلطة المختلفة داخل وخارج الحكومة الحالية لفرض هذا الحل الانقاذي والمشاركة في كل تحرك يعبر عن هذه المطالب الانقاذية العاجلة والتنبه إلى محاولات السلطة للإيقاع بين الناس». وأضاف: «منذ ما قبل ١٧ تشرين لم نغادر الشارع يوماً، ولن نتركه مستقبلاً».