IMLebanon

ثوار يرفضون انتقاد القيصر

 

على الانتفاضة الشعبية، بمكوناتها الأصلية، “النقية” في عدم ارتباطها بمكونات السلطة، أن تستعد للتوسع المستجدّ في صفوفها، بعد الالتحاق الجماعي المنظم لجمهور “الثنائي” بتحركات ليل الخميس الماضي.

 

كان هذا الالتحاق بشعاراته التي تحاول “الاعتذار” عن هتافات وشعارات السبت الماضي، والإغراق الفولكلوري في قصيدة الوحدة الوطنية، إيذاناً بمرحلة جديدة، قوامها محاولة ضبط السقف السياسي للاحتجاج الشعبي ضمن الحد المعيشي، وحصره في الحرب على “حكم المصرف”، ومنع رفع أية شعارات تغييرية تطال السلطة السياسية أو تتناول سيادة الدولة وإنفاذ القوانين ومحاسبة المرتكبين والفاسدين من دون استثناء.

 

لكن، لا يمكن إغفال أن التوسع الجديد في رقعة الاحتجاج استند الى عناوين ومسبّبات هي التي دفعت وتدفع الناس الى التحرك، فالانهيار المتسارع للعملة الوطنية يطاول الجميع، وبين المتظاهرين من لم يلتزم كامل الخطاب الموجّه، فعبّر، على طريقة المتظاهرين الآخرين، عن غضبةٍ طاولت رموز السياسة الذين ينتمي إليهم.

 

سيفتح انضمام جمهور “الثنائي” الباب أمام “جماهير” الأحزاب والتيارات الأخرى، فإذا كان هذا الثنائي وهو طرف السلطة الأقوى يتحرك في الشارع كمعارض ومحتج، فإن جمهور الأحزاب والتيارات الأخرى، في السلطة وخارجها سيلجأ الى الشارع تحت المظلة الفضفاضة للإنتفاضة، ولكلٍ منها حساباته ومراميه. وهنا، في آن، انتصار الانتفاضة وانكسارها، فمنطقها ومشروعيتها ينتصران، لكن شعاراتها ستغرق في بحر شعارات يُمسكها الانضباط العام الذي ستحاول فرضه سلطة تقليدية ومعارضة من طينتها.

 

على أن سيرورة الأمور ليست مرتبطة بارادة سلطة فاشلة، بل بالقدرة على التعبير عن مشكلات الناس العميقة والجذرية التي أطلقت شرارة “17 تشرين”، والتحدي الماثل امام القوى الطامحة الى تغيير جدي هو في القدرة على الاستيعاب والجهوزية للإستمرار.

 

عندما اندلعت الثورة الروسية انضم روس كثيرون الى تظاهرات الاحتجاج، لكنهم رفضوا التعرض لشخص القيصر واصطدموا بمنتقديه، لكن منطق الثورة ومنطلقاتها وآلياتها كانت في النهاية أقوى من أنصار القيصر.