IMLebanon

حملة تشويه عونية لسمعة الحاكم وقائد الجيش

 

 

وضع العماد ميشال عون بصفته مؤسس التيار الوطني الحر، خطة عمله للأشهر الأخيرة من العهد الرئاسي، واضعا نصب عينيه مهمة واحدة، وهي تعويم صهره رئيس التيار جبران باسيل شعبيا، وإعادة تأهيله دوليا، من اجل احياء حظوظه الرئاسية التي يقارب رصيدها الصفر.

 

حاول العهد باشكال مختلفة تأجيل الانتخابات النيابية، ومن خلفها تعطيل الاستحقاق الرئاسي، لان الظروف غير مؤاتية له ولتياره، لكنه اصطدم بارادة داخلية وخارجية اسقطت كل محاولاته، فانتقل الى الخطة ب، وعنوانها سياسة الارض المحروقة، في ميدانين رئيسيين، داخلي وخارجي.

 

في الميدان الداخلي يعرف عون انه يواجه وضعا مقفلا سياسيا وشعبيا بفعل الانهيار المالي الشامل الذي يعم البلاد على مختلف المستويات منذ انطلاق ولايته، وقد بلغ ذروته في العامين الاخيرين. فكان لا بد من تحميل مسؤولية هذا الانهيار لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، اذ يظن ان اوراق الحاكم احترقت بفعل الحملة السياسية عليه، والتي شكلت الهندسات المالية عنوانها الابرز، علما ان الجميع يعلم ان سلامة لم يخالف قانون النقد والتسليف ابدا، عندما انفق على الدولة طوال سنوات، وامن الموارد المالية من اجل ذلك. وكل الحديث عن العجز والخسائر هو تضليل بتضليل، فالحقيقة ان الدولة التي يحكمها عون وحليفه حزب الله، هي المتخلفة عن سداد ديونها، وهي المسؤولة عن انهيار الليرة.

 

بعد الانهيار جرت محاولات عونية كثيرة لإسقاط سلامة، ووصلت النوايا التخريبية الى هدم القطاع المصرفي برمته، وتأسيس قطاع جديد من مصارف محسوبة على دول معينة، ولكن هذه المحاولة سقطت وصمد الحاكم، والحمد لله، لانه بصموده استطاع خلال سنتين واكثر من فرملة الانهيار ومن لجم صعود الدولار.

 

الخطاب العوني الشعبوي يهدف الى اسكات الناس الجائعين والغاضبين، والذين يخشى ان ينفجر غضبهم في صناديق الاقتراع في ١٥ ايار، فرمى كرة النار في ملعب الاخرين، وتناسى ان الاداء السياسي للعهد طوال اكثر من ٥ سنوات تميز بتأخير تشكيل الحكومات، وبتعطيل عملها بالمناكفات والصراعات الجانبية، عدا عن التعمية على الصفقات والسمسرات في القطاعات الحيوية، خصوصا الكهرباء والاتصالات اثناء ولاية الوزراء العونيين.

 

هذه الحملة ستستعر اكثر في الاسابيع والاشهر المقبلة، لان استطلاعات الرأي تجزم ان التيار العوني سيخسر اكثر من نصف مقاعده النيابية، ولا بد له من معجزة تنقذه من المصير المحتوم.

 

على خط آخر، تصاعدت الحملة على قائد الجيش العماد جوزيف عون، وكلما جاء زوار اجانب رفيعو المستوى وزاروا اليرزة ، وآخرهم وزير خارجية الفاتيكان، بما يمثل من رمزية مسيحية، احمرت العين البرتقالية على العماد أكثر، فكان لا بد من استهدافه وتهشيم صورته وخصوصا عند المجتمع الدولي. وقد سبق وتناولنا الفخ الذي نصب للجيش اذ كلف بتحديد الحدود البحرية وعندما انجز عمله لم يتم الأخذ بالنتائج التي توصل اليها، اي التمسك بالخط 29، وجرى تصوير الامر على انه تشدد من قبل العماد عون مع الاميركيين، وتساهل من قبل رئيس الجمهورية.

 

وفي الوقت الذي اشتدت حملة حزب الله على المؤسسة العسكرية وقيادتها، لاسباب وغايات أخرى، وجد العونيون ضالتهم، فامتنعوا عن الدفاع عن الجيش، وخصوصا رئيس الجمهورية بصفته القائد الاعلى للقوات المسلحة، بل على العكس عمل طوال سنوات عهده على اضعاف الجيش وحرمانه من مقومات الصمود والاستمرار، ولولا مبادرات القيادة الرشيدة والحكيمة للعماد جوزيف عون، لتدهور وضع المؤسسة اكثر، وربما تفككت.

 

سبق ذلك تحميل التيار العوني الجيش مسؤولية حادثة الطيونة، والإيحاء بأن العسكر غضوا الطرف عن العناصر التي اطلقت النار على المدنيين، علما ان الجميع يعلم ان الجيش ضرب طوقا امنيا حول عين الرمانة في الليلة السابقة ومنع وصول المتظاهرين، باستثناء مجموعات استطاعت التسلل الى المنطقة، وحدث ما حدث.

 

العماد جوزيف عون معروف داخليا وخارجيا، وهو المرشح التوافقي الامثل في الاستحقاق الرئاسي المقبل، اذا سمح التيار العوني وحليفه حزب الله للانتخابات النيابية ان تتم.

 

لذا فان السؤال هو : هل يستطيع التيار العوني صرف نتائج هذه الحملة الشعبوية على الحاكم وقائد الجيش انتخابيا؟

 

«الشمس طالعة والناس قاشعة»، واللبنانيون يعرفون ان سلامة ليس المسؤول عن الافلاس والانهيار، بل تيار ميشال عون وليس غيره، وخصوصا من خلال فضيحة الكهرباء التي كلفت لبنان 50 مليار دولار.. والكهرباء مقطوعة. ومن خلال حليف ميشال عون في تفاهم مار مخايل الذي احتل البلد واقام اقتصادا موازيا، باستباحة الحدود والجمارك، واقام مالية موازية، اضعفت القطاع المصرفي، ووضعت لبنان على اللوائح السوداء عالميا.

 

في 17 تشرين اندلعت ثورة شعبية كان عنوانها الأبرز اسقاط سلطة الفساد والسلاح، وكان جبران باسيل الهدف الاول لهتافات المتظاهرين في كل الساحات، وخصوصا المسيحية منها. والناس لا يكذبون، ولا يجاملون، وقد عبروا حقيقة عن سخطهم على المسؤول الاول عن الانهيار، اي «العهد القوي» الذي اخذهم الى جهنم.

 

هذا المسار سيستكمل في صناديق الاقتراع ، مهما حاول العونيون، ومهما صعّدوا من خطابهم الشعبوي.. وان ايار لناظره قريب.