ستكون العطلة فسحة، لكنّها فسحةٌ قصيرة نسبياً بالإستناد إلى أنَّ الملفات أكثر من أيام العطلة. وعلى رغم أنَّ الأولوية لهذه الملفات مرتَّبة تلقائياً فإنَّ تطوراً كبيراً سيشهده لبنان ولن يكون بمنأى عنه.
هذا الملف هو ما بات يُطلَق عليه القرارات المالية الأميركية حيال لبنان، والسؤال الذي يطرح نفسه هو:
هل من ضرورة للهلع اللبناني من جرَّاء هذه القرارات؟
الجواب لا يأتي إلا من أهل الإختصاص، وهل غير حاكم مصرف لبنان رياض سلامه مَن يملك هذا الجواب؟
في شرح مسهَب مع الزميل مرسال غانم عبر برنامج كلام الناس جزم الحاكم أنَّ لبنان سيلتزم تنفيذ القانون الأميركي الصادر أخيراً في شأن العقوبات والذي بدأ تطبيق مراسيمه التطبيقية في الشهر الجاري.
الحاكم ألمَح أنَّ لا مجال للمسايرة، فأعلن بكل وضوح أنَّ لبنان مضطر إلى مراعاة القانون الأميركي الجديد وسيصدر مصرف لبنان الأسبوع المقبل تعميماً يؤكد فيه التزامه تنفيذ القانون الأميركي ويحمل المصارف اللبنانية مسؤولية تنفيذه. وأوضح أنَّ التعميم يمنع الإستنساب أو الإستهداف غير المبرر ولا يمكن التوسع أكثر من المطلوب، إذ أنَّ على المصارف أن تضع أسساً للتعامل مع الموضوع لعدم حصول أيِّ مواربة على القانون. حتى ان فتح الحسابات واقفالها يجب أن يخضعا لإجراءات حماية الشمولية المالية ولا يكون هناك أي استهداف لشريحة من اللبنانيين.
أما الموضوع الذي يهتم له بعض اللبنانيين والمتعلِّق بالسرية المصرفية فأكد الحاكم أنَّ السرية المصرفية باقية عكس الإعتقاد، ويجب ألا يحصل اصطدام لقانون خارجي بالسرية المصرفية في لبنان.
هكذا، عند مركزية القرار فإن الأمور تبدو واضحة، ففي مركزية القرار المالي، المرتبط بالحاكم، ليس هناك تعدد آراء واجتهادات وبلبلة وغيرها، على عكس السياسة المشتتة بين أكثر من رأس والتي لم يظهر منها الخيط الأبيض من الخيط الأسود في كل الملفات.
تصوّروا مثلاً لو أنَّ الملف الذي يضطلع به حاكم مصرف لبنان هو بين أيدي الحكومة، فأيُّ كارثة كانت ستحلُّ بلبنان؟
في مطلق الأحوال فإن أيار المالي سيكون المحك الأكبر للبنانيين عموماً وللمصارف اللبنانية خصوصاً، فلننتظر.
***
لكن الإنتظار لن يكون على البارد فسخونة معارك الإنتخابات البلدية والإختيارية لا تُبقي للبرودة مكاناً، خصوصاً أنّه في بعض القرى والبلدات والمدن تقدمت السياسة على الإنماء، ما يعني أنَّ ما يُخاض هو معارك سياسية أكثر منه معارك بلدية.
إنها فسحة العيد، والملفات تستريح، ولو في الحد الأدنى، وبعد ذلك يُبنى على الشيء مقتضاه، فأيار لناظره قريب والحرارة ستتصاعد ولا سيما منها الحرارة السياسية، ما يعني سقوط أكثر من هدنة.