IMLebanon

أطلقوا يد رياض سلامة في كازينو لبنان

هل ستوضَع على صخور كازينو لبنان لوحةٌ سيُنقَش عليها:

كازينو لبنان افتُتِح عام 1959 وأُقفل عام ٢٠١٧؟

هل سيكون عمر كازينو لبنان ثمانية وخمسين عاما فقط؟

وفي وقتٍ تزدهر كازينوهات العالم، من لاس فيغاس إلى مونتِ كارلو إلى لندن إلى ماربيا، هل مسموحٌ أن يُقفل كازينو لبنان بسبب الهدر والفساد؟

كان يمكن لكلِّ هذه المخاوف الآنفة الذِكر أن تكون حقيقية لو لم يكن هناك رجلٌ مسؤول إسمه رياض سلامة، فهذا الحاكم قرَّر أن يضع حداً لعملية النزف التي يشهدها الكازينو، فكان القرار الصعب بنقله من طريق الإقفال الحتمي، إذا استمرَّ على ما هو عليه، إلى تحويله مجدداً لشركةٍ منتجة، وللحاكم رياض سلامة باعٌ طويلة في هذا المجال، مجال تحويل الشركات المتعثِّرة إلى شركات رائدة في الإنتاجية، ألم يبدأ الأمر بمصرف لبنان أولاً؟

ألم يكن الأمر كذلك في شركة طيران الشرق الأوسط مع رئيس مجلس إدارتها محمد الحوت؟

بدأت القصة بقرار رؤيوي اتَّخذه الحاكم رياض سلامة بإنقاذ كازينو لبنان من التعثر القائم، الذي سيؤدي إلى الإقفال المحقَّق عام ٢٠١٧. بناءً عليه، تمَّ تكليف شركة Deloitte & Touche لإعداد دراسةٍ عن وضع الكازينو، بطلبٍ من مجلس الإدارة. بعد بحث مطوَّل ومدقق قدَّمت الشركة تقريرها الذي تحدّث بصراحة عن ثغراتٍ وإهدارٍ ومصاريف غير مبررة وتفاوت غير معقول في الرواتب، وخلص إلى وجوب تخفيف عبء الكثير من الموظفين. درس مجلس إدارة الكازينو التقرير وأقرَّه بشبه إجماع ورفعه إلى حاكم مصرف لبنان.

دقَّق الحاكم في التقرير وحمَل مضمونه إلى المراجع والقيادات من دون إستثناء، وهذه المراجع والقيادات لديها محاسيب في الكازينو، ولسان حال الحاكم يقول:

هذا هو الوضع في الكازينو، ولا بد من بدء الإصلاح فيه أو إصلاحه، ودون ذلك لا إمكانية لإستمرارية الكازينو.

بعدما أخذ الضوء الأخضر بدأت عملية الإصلاح وفق ما حددها تقرير Deloitte & Touche، ومن أبرزها إنهاء عقود الأجَراء المتخلّفين أو غير المنتجين لكن ليس بطريقةٍ تعسفية حيث أنَّ المصروفين سيتقاضون تعويضات تبلغ 11 مليون دولار وتتراوح قيمة ما سيتقاضاه كلُّ مصروفٍ بين راتب عن 12 شهراً و36 شهراً. وقد قام محامي الكازينو بإبلاغ المصروفين وفق النص التالي:

نظراً لعدم إنضباطكم وإنتظامكم في العمل وبالتالي عدم إنتاجيتكم لدى شركة كازينو لبنان، مما يجعل استمراركم فيها من دون أيّ مبرر مقبول ويحول بالتالي دون إبقائكم في العمل، لذلك، تقرّر اعتباركم مصروفين من العمل على كامل مسؤوليتكم، اعتباراً من مساء يوم الجمعة 30 كانون الثاني 2015.

تُروى حكايات مُذهلة عن الكازينو عن الرواتب والمحسوبيات:

أحد الرواتب يصل إلى 11 ألف دولار لشخص لم تطأ قدماه يوماً أرض الكازينو.

أشقاء مسؤولين، زوجات نواب، رواتب هائلة، وكلُّ ذلك على حساب المكلَّف اللبناني، ألم نقل في هذه الزاوية بالذات إنَّ البلد مسروق وليس مكسوراً؟

لكن صرف غير المنتجين ليس سوى قشرة الإصلاح، فإذا كان تنظيف الدرج يبدأ من فوق فإنَّ الإصلاح في الكازينو يبدأ من فوق!

أليس هذا ما حصل في شركة طيران الشرق الأوسط؟

ألم تقُم القيامة على محمد الحوت وبلغ التهوُّر حدَّ محاولة مهاجمته في مكتبه؟

لكنَّه صمد لأنَّه كان مصمِّماً على إنقاذ الشركة، وهكذا كان.

وكذلك تُروى الروايات من مصادر مالية مطلقة وموثقة عن الإحتراف في أبواب الهدر في كازينو لبنان:

كل عضو مجلس إدارة يتقاضى مليوني ليرة عن كلِّ جلسة، المستغرب في الموضوع انه تم تسجيل 150 جلسة في سنة واحدة، ما يعني أنَّ كلَّ عضو مجلس إدارة تقاضى في سنة واحدة 300 مليون ليرة عن الجلسات فقط، ألا يجدر أن يبدأ الإصلاح من هنا أيضاً؟

ثم هل يُعقَل أن تكون بطاقات الإئتمان التي في حساب كازينو لبنان تعطى وتصرف على ما يراه مناسباً رئيس مجلس الإدارة؟

ألا تكفي المخصَّصات الهائلة والراتب الخيالي؟

آن الأوان لوضعِ حدٍّ لهذه الملهاة التي أصبحت مأساة! هل لكازينو لبنان محمد الحوت ثانٍ يُنقِذه من براثن الفاسدين والمفسدين؟

ليبدأ الإصلاح من فوق بالتزامن مع بدئه من تحت، الحاكم رياض سلامة واعٍ لهذه المسألة لكنه يريد تحقيق ذلك بالنقاط وليس بالضربة القاضية لمعرفته بحقيقة أوضاع البلد، فهو ليس وحده في هذا التحدي، معه شركة إنترا التي تملك 52 بالمئة من أسهم الكازينو، علماً بأن مصرف لبنان يملك 33 في المئة من أسهم إنترا، وتملك شركة أبيلا 17 في المئة، ومجموعة بنك عودة 7 في المئة، ومؤسسة ضمان الودائع ولجنة تصفية بنك المشرق 6 في المئة. وباقي الأسهم موزعة بين عدة مساهمين.

ويعرف الحاكم، إنطلاقاً من هذه المعطيات، أنّ شركة أبيلا لها الحق في التوظيف إنطلاقاً من كونها تملك 17 في المئة من الأسهم، لكنها لم تستطع تحقيق ذلك بسبب إعتراض إنترا الذي يربط التوظيف بالإصلاح.

بكلمة واحدة:

إرفعوا أيديكم عن الكازينو، وأطلقوا يد الحاكم رياض سلامة لإصلاحه تماماً كما نجح في طيران الشرق الأوسط، بشخص محمد الحوت وحلقت الشركة. أليس باستطاعة الحاكم وإنترا تعيين رئيس مجلس إدارة جديد بالوكالة، خصوصاً أنَّ ولاية رئيس مجلس إدارة الكازينو الحالي منتهية منذ سنة ونصف السنة، ليبدأ الإصلاح من الرأس إلى القاعدة؟

وإلا تكونون تساهمون في اللوحة التذكارية عند مدخله:

إفتُتِح عام 1959 وأُقفل عام ٢٠١٧.