IMLebanon

رياض سلامة  في قلب جمهورية العواصف

في جمهورية العواصف، قَدرُ لبنان أن يتلقى عاصفةً من هنا ويتفرَّج على عاصفةٍ من هناك.

في جمهورية العواصف، قدر لبنان في مطلع السنة الجديدة أن يختبر عاصفة الطقس فينجح في امتحان مواجهتها في مكان ويفشل في مكان آخر.

في جمهورية العواصف، قدر لبنان أن يراقب العاصفة التي أثارها وزير الصحة وائل أبو فاعور ليعرف إلى أين ستصل نهاياتها.

في جمهورية العواصف، قدر لبنان أن يراقب وضع خزينته وما إذا كانت فعلاً القرش الأبيض لليوم الأسود.

يملك الجواب عن هذا السؤال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لأنه أمين سرّ الجمهورية إذا صحّ التعبير، في حواره الشيّق مساء أمس مع الإعلامي المتميز مرسال غانم في برنامجه الرائد كلام الناس على شاشة ال L.B.C.

في الواقع، إنَّ هذه التسمية ليست الوحيدة التي تنطبق عليه، فبالإمكان تسميته أيضاً أمين خزينة الجمهورية، لكن هل قلب الكلمات بحيث تُصبح مصرف حاكم لبنان بدلاً من حاكم مصرف لبنان ينطبق على واقع الحال؟

بالمعنى الإيجابي يمكن ذلك، فحُكمُ لبنان بمعنى النجاح في المحافظة على تماسكه المالي، يُعطي تعيينه حاكماً لمصرف لبنان، وحتى اليوم، نجح في الخطوات التالية:

نجح في تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية تجاه الدولار الأميركي، فلم يعد سعرها مجرد سهم في بورصة يتحكّم فيه المضاربون.

نجح في تنظيف القطاع المصرفي فلم نعد نسمع بمصطلح تعثُّر المصارف بل بعمليات التنظيم والدمج.

نجح في جعل لبنان يصمد في وسط أعاصير المنطقة، فكاد أن يهتز على كل المستويات إلا المستوى النقدي، على رغم كلِّ البراكين التي تفجَّرت فيه وألقت حممها فوق رؤوس أبنائه.

نجح في إبقاء الليرة اللبنانية بمنأى عن كلِّ الأخطار، على رغم كلِّ الأزمات المالية في العالم والتي لم توفِّر بورصةً أو سهماً حتى في كبريات عواصم العالم.

السؤال الكبير هنا:

هل كل النجاحات على مدى الأعوام المنصرمة يمكن أن تتواصل في السنة الجديدة؟

صحيح الوضع تحت السيطرة ولكن إلى متى يمكن أن يستمر هكذا وعلى هذا المنوال؟

فالتحديات التي يواجهها لبنان أكثر من أن تُحصى والمفترض أن يتمَّ استيعابها.

إن جزءاً من هذه التحديات يأخذه على عاتقه الحاكم رياض سلامة:

يُقلِّب الأرقام بين يديه لتبقى متوافقة مع الوضع اللبناني، يلاحق المؤشرات لأنها تُشكِّل خارطة الطريق للشهور الصعبة المقبلة، فهل ينجح في مهمته شبه المستحيلة؟

إنه التحدي الأكبر خصوصاً أن العام 2015 يُتوقَع أن يكون عام الإختبار القاسي على المستوى النقدي والمالية العامة، فالنفاذ من قطوعات الأعوام الماضية كان جيِّداً، لكنَّه غير كافٍ للقول إنَّه سيُمرِّرُ هذه السنة من دون مطبات وألغام، ففي القواعد العلمية أن الإستقرار السياسي هو الذي يوفر الإستقرار النقدي، لكن مع رياض سلامة باتت القاعدة مقلوبة بمعنى أنَّ الإستقرار النقدي أصبح صاحب الفضل في تحقيق الإستقرار السياسي، فمن الضروري أن نصمد جميعاً.