IMLebanon

انفجار رياض الصلح: اسقاط نظام ام تصفية حسابات داخل المستقبل؟

انفجرت البلاد واختلط الحابل بالنابل، حيث أنه وبحسب أوساط سياسية بارزة كل السيناريوهات مفتوحة على كل الإحتمالات ومن بينها الذهاب نحو مؤتمر تأسيسي بات انعقاده ضرورياً وملحاً بحسب مصادر متابعة لإنقاذ الجمهورية اللبنانية والحفاظ على كيانية لبنان وسيادته وحريته وخصوصية تركيبته السياسية والإجتماعية.مضيفة بأن ما دار في كواليس الأروقة السياسية والدبلوماسية في بيروت خلال الساعات التي تلت انفجار رياض الصلح وما تخلله من مواجهات وإشتباكات عنفية حادة بين المتظاهرين والقوى الأمنية، تتراوح ابعاده وخلفياته السياسية حول القراءة التالية:

– أن الفريق السياسي المتضرر من اعترافات الشيخ الإرهابي أحمد الاسير أمام مخابرات الجيش اللبناني هو المستفيد الأول من توجيه اهتمام الرأي العام المحلي والخارجي نحو احداث أمنية وسياسية جديدة، وذلك من أجل حرف الأنظار عما يقوله أحمد الاسير عن شخصيات أساسية مرموقة من هذا الفريق السياسي في دعمه واحتضانه وتمويله للإرهابي الأسير في كل مراحل تطور حركته التي كان الغاية من اطلاقها بعد خروج الرئيس سعد الحريري من الحكومة وتشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، هو الوقوف في وجه حزب الله للقول له عليك أن تختار في لبنان ما بين شراكة تيار المستقبل المعتدل وما بين النموذج السني الأصولي المتطرف الذي يشكل عينة منه الشيخ أحمد الاسير. وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإن حالة القوى الاسلامية الأصولية المتطرفة داخل مخيم عين الحلوة التي تعتدي اليوم على حركة فتح وعلى أهالي المخيم ومحيطه وجواره وعلى الجيش اللبناني الذين تسببوا بالجولة الأخيرة من الاشتباكات في عين الحلوة على خلفية اقدام مجموعة من الاسلاميين المتشددين على نصب كمين مسلح في محاولة لاغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا العقيد أبو أشرف العرمومشي، حيث أن جميع الفعاليات السياسية والأمنية والعسكرية والإجتماعية اللبنانية والفلسطينية على اطلاقها في مدينة صيد وجوارها يدركون مدى العلاقة الحميمة التي تربط جند الشام وغيرها من التنظيمات الاسلامية الأصولية المتطرفة بتيار المستقبل وقيادته خصوصا في منطقة صيدا.

– أن الفريق السياسي المعني بشكل اساسي بمطالب الفريق المسيحي في اعادة الشراكة الحقيقية بين المسيحيين والمسلمين على طاولة مجلس الوزراء هو المستفيد الأول من تفاقم الأزمات وتعددها وتنوعها للهروب إلى الأمام من وجه أيّ حوار عقلاني دستوري وميثاقي هادئ حول الأزمة السياسية التي تسبب بها رفض هذا الفريق البحث في آلية عمل الحكومة في ظل الفراغ الرئاسي المتمادي والذي ادى إلى انتقال صلاحيات رئاسة الجمهورية إلى مجلس الوزراء مجتمعا وليس إلى شخص رئيس الحكومة وفريقه السياسي المحسوب على تيار المستقبل الذي لا يزال يمارس سياسة الهيمنة والإستئثار التي تتناقض 360 درجة مع روحية الشراكة الحقيقية التي يقوم عليها النظام اللبناني بميثاقيته ودستوره وقوانينه المرعية الإجراء التي يضرب فيها عرض الحائط خلف عنوان دائم هو أن ظروف البلد ومحيطه وجواره لا تسمح اليوم في البحث بأي بند من شأنه أن يفسر على أنه مس بحقوق ومكتسبات تتعلق بالطائفة السنية الكريمة التي لن يقبل جمهورها المحتقن والمعبأ بأي قرار يمكن أن يحد من صلاحيات وسطوة موقع مجلس الوزراء الذي يعود إلى أهل السنة في لبنان.

– أن الفريق السياسي الذي لا يريد أن يمس أحد بحصته المهيمنة على قطاع النفايات وعائداته المالية الضخمة منذ العام 1998 لا يريد اليوم ولو تحت أي ضغط أن يقبل بالتنازل قيد أنملة عن ما يعتبره حقوقاً مكتسبة في ملف النفايات الذي يدرك الجميع بأن تفاقم هذه الأزمة واستمرارها سببه لا يتعلق لا من قريب ولا من بعيد في العجز عن إيجاد الحلول العلمية البيئية والصحية السليمة لهذا الملف، بل أن المعضلة تكمن اولا وأخيرا في سياسة الإستئثار والهيمنة التي يتعاطى فيه تيار سياسي مأزوم ماليا مع هذا الملف العالق بخلفية ابتزاز اللبنانيين ببيئتهم وصحتهم من خلال استمرار وجود النفايات في الشوارع التي تحولت إلى مكبات عشوائية وذلك حتى يخضع شعب لبنان ودولته لشروط هذا التيار السياسي في ملف النفايات وذلك حتى اشعار آخر.

– النقطة الأبرز فيما يجري، تكمن في أن انفجار رياض الصلح يحمل في طياته مؤشرات عديدة لصراعات سلطوية وتصفية حسابات داخل تيار المستقبل نفسه حيث يتصارع فيه الديوك الأقوياء الذي يطمح كل واحد منهم في أن يكون رئيس الحكومة المقبل في السراي الحكومي بعد الرئيس تمام سلام وهؤلاء بحسب العالمين بتوجهاتهم وسلوكياتهم لن يترددوا في اسقاط الحكومة السلامية إذا كان هذا الأمر يأتي في سياق ضمان وصولهم إلى السراي الحكومي وراء الرئيس سلام. فحراك وزير الداخلية نهاد المشنوق بأبعاده الداخلية والخارجية بات يشكل كابوسا مزعجا لكثيرين من ديوك تيار المستقبل الطامحين دائما للوصول إلى كرسي رئاسة الحكومة وعلى رأس هؤلاء الطامحين يأتي في المقدمة رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، ولا تسبعد الاوساط في أن يكون الرئيس سعد الحريري نفسه منزعجاً ولديه هواجس من الدور الصاعد بقوة لابن بيروت البار وزير الداخلية نهاد المشنوق، فالرئيس الحريري المأزوم بسبب الضائقة المالية الحادة الظاهرة بشكل واضح في عجزه عن دفع أجور العاملين في مؤسسات تيار المستقبل لأسباب مرتبطة بعلاقة الرئيس سعد الحريري بالإدارة السعودية الجديدة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تدفع بالحريري الإبن ليكون منزعجاً وقلقاً من صعود نجم الوزير نهاد المشنوق ليس فقط محليا بل ايضا وبقوة خليجيا وعربيا وغربيا ، وبما أن الوزير المشنوق نجح من خلال موقعه في وزارة الداخلية في نسج علاقات مميزة ومتينة مع حزب الله فأن هذه العلاقات مع الحزب هي بطبيعة الحال تساعده كثيرا في أن يكون رئيس الحكومة المقبل للبنان برضى ودعم إيراني في آن معا.

الأوساط اضافت بأن النظام السياسي الطائفي في لبنان قد سقط ولفظ انفاسه ليس بفعل ضغط مجموعة من الشباب المنضوين ضمن حراك المجتمع المدني، فهذا النظام لم يعد يستطيع الإستمرار بعد أن فشل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبعد ان مدد لمجلس نيابي مقفل ومعطل عن العمل، وبعد أن دب الشلل والتعطيل على الحكومة المنقسمة على بعضها البعض حتى باتت عاجزة عن حل أبسط قضايا الناس ورعاية شؤونهم من أزمة التعيينات إلى أزمة الكهرباء وصولا إلى النفايات التي تفوح منها رائحة الفساد الذي هو بدوره علة أساسية ساهمة في اهتراء هذا النظام وافلاسه واندثاره، إلا أن النقطة الأساس المحورية في كل ما يجري تبقى لتوقيت إعلان وفاة هذا النظام، واستنادا إلى ما هو معلوم في الكواليس فأن توقيت اعلان وفاة النظام السياسي في لبنان ليس توقيتاً محلياً بل هو توقيت دولي وإقليمي تتحكم به بالدرجة الاولى لعبة الأمم وما يرتبط بها على صعيد تطور مجريات الصراع أو التفاهم السعودي – الإيراني في منطقة الشرق الأوسط.