IMLebanon

فوز ريفي لا يُستثمر رئاسياً

في حصيلة الانتخابات البلدية تظهر  الخلاصة والغوص في الرابحين والخاسرين ان هذه الانتخابات كانت اشبه بالهمروجة التي اختلطت فيها الامور وضاعت البوصلة وباستثناء مفاجأة أشرف ريفي في طرابلس الذي كان «سوبر ستار» او النجم بلا منازع في نتائج طرابلس بعدما استطاع كسر تحالف «المليارديرات» والكبار فان النتائج في سائر المحافظات لم تكن مفاجئة لاحد، ولا يمكن في النهاية الركون الى خلاصة واحدة بتحديد الرابح او الخاسر الاكبر بحسب مصادر متابعة، الا في حالة  فوز ريفي وخسارة تيار المستقبل، فلا الاحزاب المسيحية التي اجتمعت في تفاهم معراب حصلت على حصرية الانتصار واجتياح المناطق المسيحية ولا الزعامات التقليدية او الاقطاع السياسي او قيادات 14 آذار تقهقرت كلها واضمحلت في الزوبعة البلدية، فالنائب بطرس حرب لم يسقط في تنورين وكذلك النائب هادي حبيش، فيما سقط النائب دوري شمعون في دير القمر والنواب منصور البون وفريد هيكل الخازن في جونية ولم تربح الكتلة الشعبية وفتوش في زحلة، وكذلك لم تحقق الاحزاب المسيحية «التسونامي» الذي وعدت به، وحيث ينبغي على الاحزاب ان تراجع حساباتها وما جنته مع الرأي العام الذي صوَت على مزاجه الخاص ضد حيتان المال والسياسة وضد فضائح النفايات والانترنت والفساد وضد تهميشه ومصادرة قراره فانخفضت نسبة التصويت في بيروت والجنوب ولم يكن احداً قادراً على حث الناس على التوجه الى الصناديق او التصويت خلافاً لارادتها  وهذا ما ينبغي التقاطه ورصده واخذ العبر منه.

 الاحزاب المسيحية تمكنت في مناطق من تحقيق الفوزوفي اخرى تراجع حضورها ولم تكن قادرة على اختراق عقول وقلوب الناس فنجحت العائلية والتحالفات المصاغة باتقان على حدّ قول المصادر، وعليه لا يمكن القول ان تفاهم معراب حقق المعجزات في تلك الانتخابات بل حصل على المعقول فلم يتحقق التسونامي الا في زحلة تقريباً بعدما فقدت قيادة التفاهم السيطرة على زمام المعركة ووصلت الامور الى التنافس الضاري بين القوات والتيار الوطني الحر في بلديات كثيرة، الاّ ان تفاهم  معراب والرابية استطاع ان يحقق انتصارات بلدية في مناطق في حين عجز عنه في مناطق اخرى فالمعارك الانتخابية خضعت لحسابات معينة ولتداخل عوامل عائلية وانتخابية وخصوصيات اخرى، مما وزع «التسونامي» وشتته في اكثر من اتجاه خصوصاً وان الاحزاب نفسها بدت غير قادرة على ضبط بيتها الداخلي في بعض المحطات نظراً لضراوة المعركة الانتخابية في البلدات اللبنانية.

الا ان الخلاف والافتراق الانتخابي برأي المصادر، بحسب الاصوات والمواجهة التي وقعت بين التيار والقوات كان لها حسناتها وايجابياتها كما سلبياتها، فالافتراق اظهر احجام الاحزاب المسيحية في البلديات التي خاضتها خارج هذا التفاهم وعليه تمكن التيار العوني من اجتياح بلديات له وحده، وكذلك فعلت القوات وحدها او الكتائب التي صاغت تحالفات متناقضة وفقاً لخصوصية وطبيعة كل مواجهة. اما تيار المردة في الشمال فكان له استراتيجية اخرى مختلفة، فالمردة التي كانت العين شاخصة عليها في الشمال لتصفية حساباتها مع الخصم العوني على «ارضها» اتبعت خطة انتخابية وفرت عليها معارك كبيرة في عقر دارها وفق المصادر، كان يمكن ان تحصل بين المردة وخصومها التقليديين، فالتوافق مع ميشال معوض كان اهون الحلول الانتخابية لان معركة المردة الرئاسية تأتي بحسب التراتبية  في الاولوية كما ان الانتصارات معروفة ومحددة سلفاً على الخريطة الشمالية خصوصاً بعد خيار تجنب المواجهات القاسية وترتيب التفاهمات مع الاخصام السابقين، فرئيس المردة تقول المصادر، احسن صياغة تفاهماته من اجل تخفيف التشنج وهذا ما لم يفعله تفاهم معراب الذي خاض معارك قاسية لتحقيق التسونامي ومعادلة «الامر لي» بلدياً للانتقال الى السياسة فاذا بالرأي العام يعطي  الاحزاب حيث يريد ويقاطعها حيث اخطأت.

وبالتالي فان المردة التي «عفت عما مضى» مع معوض تمكنت مع الحليف الجديد في زغرتا من الفوز في زغرتا والكورة والبترون، وبالتالي، فان المردة من الاحزاب التي لم يهتز عرشها الانتخابي في معركة البلديات فاذا كان تيار المستقبل مني بخسارات قاسية في حصيلة الانتخابات والتيار الوطني الحر او تفاهم معراب سقط في تنورين والقبيات فان تيار المردة حيد نفسه عن المعارك الكبيرة والصراعات الحادة وترك التنافس العائلي يلعب لعبته ومداه تمهيداً للعودة الى الاستحقاق الاهم بعدما صارالتنافس الرئاسي والخلاف واقعاً بين زغرتا والرابية.

وقد كان التركيز على الشمال واضحاً في المعركة الرئاسية تقول المصادر نفسها، وقد كان لافتاً ردود الفعل على فوز اللواء اشرف ريفي وخسارة سعد الحريري التي تم توظيفها بسرعة في المعركة الرئاسية، وعليه تقول اوساط شمالية ان انتخابات طرابلس لا علاقة لها بالموضوع الرئاسي، فما حققه ريفي من ارقام  مقابل سقوط الحريري طرابلسيا لا تعني انه يقرر اسم المرشح الماروني للرئاسة او ان حظوظ ميشال عون صارت اقوى او ان فرنجية ضاقت حظوظه، فالمعركة الرئاسية لها حساباتها وابعادها الاقليمية  وظروفها وتوقيتها ولا علاقة للشأن البلدي لها وللخاسرين او الرابحين في الاستحقاق البلدي. وما حصل بين الحريري وريفي تصفية حسابات ولا دخل للاستحقاق البلدي او المرشحين للرئاسة به، فانتصار احد الاطراف لا علاقة له بالسياسة وتوظيفه يتم في المكان الغلط، ولكن السؤال يبقى حول فعالية ضغط الخاسرين وتأثيراتهم المحلية في الاستحقاق، فسعد الحريري بدون شك لا يزال تحت مفاعيل انتصار ريفي وهو مضطر قبل الغوص مجدداً في الملفات السياسية المتشعبة لاجراء سياسة نقدية وكشف حساب يتضمن الاخطاء واسباب الفشل في طرابلس وعدم القدرة على تحريك الشارع السني وفقدان السيطرة والتحكم به ومعرفة كيف تسلل الآخرون الى عمق وعصب هذا الشارع.