عمليا، دخل أشرف ريفي «نادي الوزراء السابقين» وقد تطول عضويته فيه، بسبب انقلابه بالدرجة الأولى على الحريري، ومن ثم مواقفه النارية التي جعلته خصما لمعظم المكونات السياسية في الشمال، إلا إذا تمكن من تحقيق انتصار في الانتخابات النيابية المقبلة يخوّله توزير نفسه في حكومة العهد الثانية، أو تمهد له الطريق للذهاب الى أبعد من ذلك، وهو كان قد وعد بعدم الجلوس الى طاولة مع الحريري إلا بعد انتخابات نيابية تكرسه رئيسا لكتلة وازنة.
يبدو واضحا أن ريفي أبلغ مقربين منه أن «جهات» تمنت عليه عدم استهداف العهد وحكومته الحريرية، وهو ملتزم بذلك، لكنه في الوقت نفسه يعدّ العدة لوجستيا وشعبيا لخوض الانتخابات النيابية المقبلة التي تشكل بالنسبة إليه خشبة الخلاص من الحصار السياسي المفروض عليه.
ربما أدرك ريفي متأخرا أن حساباته السياسية لم تتطابق مع بيدر المصالح اللبنانية والاقليمية، لذلك فقد جاءت الرياح بعكس ما اشتهت سفنه، وتشكل العهد الجديد بعكس ما كان يروّج له في مواقفه السياسية، الأمر الذي أحرجه شعبيا، وجعله مضطرا لإعادة التموضع بما يحول دون خروجه نهائيا من المعادلة السياسية، خصوصا أنه سمع كلاما من أكثر من مصدر موثوق، مفاده أن الرئيس الحريري طلب من أكثر من جهة سياسية وإدارية وأمنية تضييق الخناق عليه، وأنه مستعد للتعاون مع «حزب الله» وكل مكونات «قوى 8 آذار» من أجل ذلك.
أمام هذا الواقع، بدأ ريفي بإعادة تحديد خياراته السياسية، وفي مقدمتها تصويب سهامه على كل من يعتبرهم ضمن المحور السوري ـ الايراني، لأن ذلك برأيه يعزز شعبيته في طرابلس والبيئة السنية، لا سيما أن وهج انتصاره البلدي في عاصمة الشمال بدأ يتلاشى، لا بل بدأ يحرجه أكثر فأكثر على المستوى الشعبي، في ظل الشلل المسيطر على المجلس البلدي الذي لم يقدم إنجازا حتى الآن بالرغم من مرور ستة أشهر على انتخابه.
ومن بين هذه الخيارات أيضا، قرار ريفي بمهادنة كل القيادات السنية التي سبق وشن هجوما عليها، بمن في ذلك الرئيسان سعد الحريري ونجيب ميقاتي، حيث ينقل مقربون من ريفي أنه أبلغهم أكثر من مرة أنه تسرع في الحديث عن «انتهاء الحريري سياسيا»، وكذلك عندما قال: «إن ما يجمعه مع النائب محمد الصفدي هو كرههما للرئيس نجيب ميقاتي».
وقد ترجم ريفي هذه المهادنة في اللقاء الذي عقده قبل أيام، مع 12 شخصية إسلامية فاعلة في طرابلس من أعضاء في المجلس الشرعي، و «الجماعة الإسلامية» والمجموعات السلفية، حيث أبدى أمامهم تخوفه الكبير من ان يستثمر «حزب الله» انتصاره في حلب، بفرض معادلات سياسية لبنانية بالقوة، لافتا الانتباه الى أن ذلك يستدعي من كل القوى الإسلامية والسياسية والعلمانية والمدنية المعارضة للمشروع السوري ـ الايراني، أن تقف صفا واحدا للمواجهة والتصدي سلميا لهذا المشروع.
وعندما سأله أحد المشايخ عن الحريري وميقاتي، أكد ريفي أنه يختلف مع سعد الحريري في أمور سياسية أساسية وكثيرة، لكنه على يقين بأن الحريري هو ضد المشروع السوري ـ الايراني، ويجب تدعيم موقفه، كما يجب التعاون مع الرئيس ميقاتي في هذا الإطار وأن نشكل قوة سنية قادرة على المواجهة.