IMLebanon

استقالة ريفي ملزمة .. حتى لصاحبها

مهما كانت حسنات استقالة وزير العدل أشرف ريفي، فإن الثابت منها أنها ذكّرت اللبنانيين والمسؤولين بوجود أحكام دستورية في دولتهم. فمنذ اللحظة الأولى لإعلان الاستقالة، برزت التساؤلات والاجتهادات حول مصيرها ونفاذها وتأثير خلوّ سدة الرئاسة عليها… وغير ذلك من التساؤلات المحكومة أصلاً بنصوص دستورية.

إن استقالة الوزير، في مثل الحالة القائمة اليوم أو في الأحوال العادية في المؤسسات الدستورية، لا تحتاج لأكثر من إعلانها من الوزير المستقيل وتقديمها إلى رئاسة مجلس الوزراء لأخذ الإجراءات اللازمة. فالمشترع الدستوري وضع آلية وأحكاماً لإقالة الوزير في البند الثاني من المادة 69 ـ دستور ولم يلحظ، من قريب أو بعيد، أي أحكام تتعلّق بالاستقالة، إن مباشرة أو غير مباشرة، يمكن الاجتهاد فيها. ولذلك يمكن الجزم بأن المشترع قد حرّر الوزير من أي شرط تتطلبه استقالته، وبالتالي يكون قد أخضع الاستقالة للحرية الشخصية للوزير التي تكفلها المادة الثامنة من الدستور. وما يؤكد ذلك أنه لو كانت نية المشترع غير ذلك، لما كان قد وضع أحكاماً وشروطاً لإقالة الوزير وترك الاستقالة من دون أي ذكر.

لذلك فإن مجلس الوزراء لا يستطيع، لأي سبب كان، رفض الاستقالة أو التمني على الوزير المستقيل الرجوع عنها ولا تجاهل إعلامه بها. وإذا ما أقدم على ذلك، كما حصل في بعض المرات السابقة، يكون قد خالف الدستور ونية المشترع الواضحة تجاه الاستقالة.

وما يمكن الإشارة إليه هنا أن عرض استقالة الوزير على مجلس الوزراء ليس لاتخاذ قرار في شأنها، إنما لأخذ العلم بها وتدبير مَن يملأ شغور المقعد الوزاري حتى تعيين الوزير البديل ولا يكون ذلك إلا من بين الوزراء.

وفي الحالة القائمة اليوم لجهة خلوّ سدة الرئاسة، فإن مجلس الوزراء الذي يملأ السدة بالوكالة بموجب المادة 62 ـ دستور يكون معنياً بإصدار مرسوم باستقالة الوزير كوكيل عن رئيس الجمهورية، ولهذا المرسوم مفعولان: إشهار فراغ المقعد الوزاري من خلال الإجراءات المطلوبة لإصدار المراسيم، والإفساح في المجال لتعيين وزير جديد يملأ المقعد الذي شغر بالاستقالة. وبالتالي فإن مثل هذا المرسوم إجرائي بامتياز ولا يُعطي «السلطة الرئاسية» صلاحية اتخاذ الموقف منه عملاً بالمادة 56 ـ دستور، والعلة في ذلك هي ذاتها التي تحكم استقالة الوزير لجهة اعتبار الاستقالة من الحقوق الشخصية للوزير.

من هنا يتبين أن استقالة وزير العدل أشرف ريفي قد أصبحت نافذة الإجراء عملاً بالمراحل التي قطعتها حتى الآن. فهل ترمَّم الحكومة بوزير عدل جديد أم أن العدوى ستصيب الوزراء الآخرين.. قسراً أم طوعاً؟