IMLebanon

ريفي للحريري: إنه الدرس الأول!

لن يقف «درس» أشرف ريفي عند حدود الصناديق في طرابلس. سريعاً بادر البعض الى طرح اقتراح إجلاس «المنتصر» على طاولة الحوار في عين التينة وإخراج سعد الحريري ونجيب ميقاتي منها. وها هو، بعد اختيار طاقم بلدية طرابلس، «يحاضر» في الخيارات الرئاسية الأفضل ويحسم مصير مرشّح سعد الحريري الى قصر بعبدا، ويزكّي جان قهوجي بدل سليمان فرنجية!

أما «لائحة المهنّئين» فأكثر من معبّرة: تمتدّ من «الوكر» الذي يختبئ فيه فضل شاكر الى الناقمين على سياسات سعد الحريري في فريق الثامن من آذار وصولاً الى «المطبّلين» في «التيار الوطني الحر» و «القوات» وكافة الأحزاب المسيحية، مع التسليم بالاحتفالات الدائرة في صفوف الإسلاميين والمتشدّدين. حتّى أن ألدّ أعدائه اللواء جميل السيد، كان رحيماً في تعليقه مصوّباً على «سقوط اصحاب المليارات وفوز الفقراء».

كان يجدر بسعد الحريري التقاط أولى ذبذبات النقمة الطرابلسية على «التيار الأزرق» الذي «لم يعد زيّ ما هو» خلال زيارته الاولى لعاصمة الشمال بعد غياب نحو خمس سنوات، حين خلا مسجد الصديق من حامليه على الاكتاف ومردّدي «السما زرقا»، وسماعه «لطشات» قاسية من «جمهور رفيق الحريري» يطالبه بدفع المستحقّات المتوجبة عليه وإعادة فتح حنفية الخدمات.

بعد ذلك، كان عليه ربما ان ينتبه الى ان «مكتوب طرابلس» يُقرأ من عنوان بيروت وصيدا، و»بظهرهما» زحلة وعرسال والبقاع الغربي الذي دخله من باب التوافق أيضاً.

وفيما النكسات تلاحق رئيس «تيار المستقبل» وتدفعه الى أن «يستقرب» الكويت أكثر من طرابلس، باشر «وزير عدله» المستقيل قبل إعلان النتائج رسمياً بتحمية «محرّكات» معركته النيابية المقبلة. بالنسبية فليكن، وبقانون الستين أهلاً وسهلاً.

أما التحالفات فلها «شروطها». لم يكن اللواء الذي قضى ثماني سنوات على رأس المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، يَأمُر ويتحرّك ويخطّط باسم بيت الوسط ثم يدخل الى السرايا بدفع من «الشيخ سعد»، متهوّراً حين لام «ابن الشهيد» على خياراته السياسية فأدار الأخير له ظهره، وصولاً الى حدّ اعترافه بأنه «لو كان قادراً على قبول الاستقالة لفعلها». لم يكن مشهداً عادياً أن يقف ريفي بوجه الحريري للقول له «لقد أخطات. صوّب مسارك واعترف بحجمي لأتفاهم معك.. وهذا الدرس الأول».

لم ينم اشرف ريفي ليل أمس الأول. ثمة من يجزم في فريقه أن «الرجل نفسه فوجئ بالنتيجة، لأن التوقعات لم تقارب إمكان السحق و «القبع». كلام الكواليس الذي تسرّب بالمقابل من غرف قيادات في «تيار المستقبل» كان يفيد بالآتي: الهدف منع ريفي من اقتناص 20% من الاأصوات، لأن الأمر سيكون كفيلاً بتوجيه ما يشبه الضربة القاضية، بالسياسة، للائحة الائتلافية.

الفريق الآخر تابع مذهولاً، يوم أمس، نيل لائحة اللواء المتقاعد نسبة تجاوزت الـ 60% من اصوات السنّة (من أصل نسبة الاقتراع)، مع العلم أن ثمة اقلاماً اعطته لوائح نظيفة «زي ما هيّ»، من دون خروق من اللوائح المقابلة كما في الزاهرية والقبة.

لن تنفع التحليلات التي حاولت تقزيم الضربة، بالتركيز على فوز «المجتمع المدني». يمكن فقط تخيّل مواجهة بين «لائحة الحيتان» ولائحة «طرابلس مدينتي» وريفي يتفرّج.. بالطبع لن تكون النتيجة أكثر إشراقاً ممّا حقّقته «بيروت مدينتي». داخل «تيار المستقبل» سمعت الإشادات بخطاب «أنتج خبزاً أخيراً»، وأهميّته أن ريفي يقوله علناً فيما «الزرق» يؤيّدونه بصمت.

هكذا أخذ ريفي على عاتقه إغراق «التايتنيك»، وفق الاستعارة الجنبلاطية، في طرابلس بعد أن وصلت مُنهكة من ساحل بيروت، وعلى متنها عدد من أصحاب الملايين «المحرزين».

المقارنة بين نسبة الاقتراع المتدنّية وبين المزاج الطرابلسي الذي صبّ لمصلحة ريفي ووجوه المجتمع المدني التي قبلت وضع اليدّ مع رمز سياسي «شرس» في المدينة، لن تصبّ إلا في مصلحة اللائحة الفائزة. فمن أصل هذه النسبة، التي لم يتمكّن أصحاب المليارات ولا وزير العدل نفسه من رفعها أكثر، نال ريفي أغلبيتها الساحقة. وهذا يعني أن مصيبة «تيار المستقبل» هي بفقدان القدرة على جذب الناخب وتحفيزه، وبتمكن «الجنرال المتمرد» من فرض نفسه رقماً صعباً.

الفوز المشوب بعيب الغياب المسيحي عن اللائحة وجد له المقرّبون من ريفي فتوى سريعة: إذا كان ثمّة حرص من لائحة الائتلاف على الميثاقية، وبما أن هذا الفريق هو خاسر للمعركة والمسؤول عن الخروقات التي طالت المسيحيين، فلتقدّم استقالات بعض الأعضاء فيها، ما يسمح للمرشّحين المسيحيين بأخذ مكان لهم على لائحة «قرار طرابلس»، سيما وأن ريفي أعطى هذا الموضوع عناية خاصة دفعته الى طرح تسوية لتجنّب الوصول الى هذا الأمر، لكن الفريق الآخر تعاطى بفوقية مهّدت لهذه الثغرة الأساسية.

يتحدّث «الريفيون» اليوم عن مرحلة جديدة بدأت في طرابلس وقد لا تنتهي في الرياض. وها هو محيط الوزير المستقيل يروّج لواقع تكريس لامركزية ضمن الطائفة السنية الأرجحية فيها لأشرف ريفي شمالاً. وإذا أضيفت نكسة الضنية الى «الكفّ» الذي تلقّاه سعد الحريري في طرابلس كما بقية حلفائه على اللائحة، فإن «التواضع» لدى داعمي اللواء في معركته يدفعهم الى التسليم بأن «ريفي أقلّه صار الزعيم السني الأول في الشمال»!