ريفي لـ «السفير»: هذه هي خطّتي للنهوض بالقضاء
هل يقسم أعضاء «القضاء الأعلى» اليمين أمام الحكومة؟
قبل أسبوعين من انتهاء ولاية «مجلس القضاء الأعلى»، استطاع مجلس الوزراء والقضاة المعنيون، انتخاب وتعيين مجلس جديد صار يتألف من الأعضاء العشرة وهم، الثلاثة الحكميون: الرئيس الاول لمحكمة التمييز جان فهد رئيساً، النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود نائباً للرئيس، ورئيس هيئة التفتيش القضائي أحمد بعاصيري عضواً، والعضوان المنتخبان من قبل رؤساء محكمة التمييز ومستشارها القاضيان غسان فواز وحبيب حدثي، بالإضافة إلى القضاة الأعضاء الأربعة المعيّنين من قبل مجلس الوزراء: ميشال طرزي، طنوس مشلب، محمد المرتضى، ومروان كركبي.
وإذا كانت التعيينات قد مرّت في مجلس الوزراء كـ «غيمة صيف»، غير أنّ الإشكاليّة الوحيدة التي طالت الأمر هي تعيين أحد القضاة الموارنة بعد أن ترك وزير العدل أشرف ريفي الباب مفتوحاً أمام ثلاثة خيارات، ليعود ويرسو الاختيار على مشلب الحائز على أعلى درجة (19) عن زميليه الإثنين المطروحين.
ووصفت مصادر قضائيّة المجلس الجديد بأنّه «يبشّر بعهد جديد سيبدأ، على اعتبار أنّ غالبيّة الأعضاء غير مقرّبين من السياسيين وهم من الأكفأ داخل الجسم القضائي».
وبنتظر هؤلاء أن تبدأ ورشة التجديد داخل القضاء في 13 حزيران، وإن كان البعض الآخر يتوقّف عند المعضلة القانونيّة التي تنصّ على أنّ «أعضاء مجلس القضاء الاعلى يقسمون اليمين أمام رئيس الجمهورية وبحضور وزير العدل». وبالتالي، فإنّ هذا الأمر يعيق عمليّة تسلّم الأعضاء لمهامهم الجديدة مع استحالة انتخاب رئيس جديد للجمهورية في المدى المنظور. ولكنّ هذه المعضلة القانونيّة كانت مدار بحث بين المعنيين الذين يؤكّدون أنّ الأولويّة هي ليمارس المجلس مهامه باعتباره أشبه بـ «مجلس لقيادة القضاء».
ويؤكّد وزير العدل أشرف ريفي أنّ ممارسة المجلس مهامه الموكلة إليه هي حاجة وطنيّة، كاشفاً لـ «السفير» أنّ هناك عدّة مخارج قد بحثت ليتمّ السير بها ومنها: اجتهاد قانوني يتيح لأعضاء المجلس قسم اليمين أمام مجلس الوزراء مجتمعاً أو أن يعتمد السياسيون فتوى «اليمين المؤجّل»، أي أن يمارس الأعضاء مهامهم حتى انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة لأداء قسم اليمين لاحقاً حتى لا يضرب الشغور أوصال المجلس.
إذاً، سيلئتم «مجلس القضاء الأعلى» بحلّته الجديدة في 13 حزيران المقبل على الأرجح، ما يعني أنّ التعيين قفز فوق العوائق السياسية المشتعلة داخل مجلس الوزراء التي كان يمكن أن توئدها في مهدها وأنّ ريفي عرف كيف يحيك الأسماء بمعيار الكفاءة حتى لا تقع في مطبّ الإشكالات السياسيّة.
وخطوة التعيين تشير أيضاً إلى أنّ ريفي سيشمّر عن زنوده بغية البدء بورشة تنظيميّة أساسيّة وخطّة نهوض في واقع وزارة العدل والجسم القضائي.
وأعلن ريفي لـ «السفير» أنّه في صدّد الإعداد للملفّات الإصلاحيّة في واقع وزارة العدل والتي تختصّ بأكثر من نقطة، معرباً عن ثقته الكاملة بـ «القضاء الأعلى» الجديد «الذي ستكون مهمّته الأهم هي إعداد التشكيلات الشاملة للجسم القضائي».
وأوّلى الورشات التطويرية التي يوليها «سيّد العدليّة» أهميّة هي «أننا نضع اللمسات الأخيرة على الهيكل التنظيمي لوزارة العدل، كإنشاء مديريّة السجون لتصبح تابعة لوزارة العدل بدلاً من وزارة الداخليّة، ومديرية تختصّ بسوق الموقوفين وتأمين الحراسة لقصور العدل بالإضافة إلى تأمين مرافقة للقضاة وحمايتهم، وخصوصاً أولئك الذين ينظرون بقضايا الإرهاب، على اعتبار أن هذا واجبنا أمام القضاة الذين يتعرّضون للخطر».
كما سيعمد ريفي إلى «إعادة خريطة توزيع المحاكم على كلّ المناطق اللبنانيّة بما يؤمّن للمواطنين الإنماء المتوازن واللامركزيّة الإداريّة»، ويوضح أنّه كان لدينا 26 مبنى لمحاكم منفردة لتصبح 36، بالإضافة إلى أنّنا ننشئ جسماً قضائياً للمحافظتين الجديدتين: عكار وبعلبك – الهرمل».
والملف الإصلاحي الثالث الذي ينكبّ عليه ريفي هو خطّة الإعمار والتي بدأها في قصر العدل في بيروت، مشيراً إلى أنّه في صدد تنفيذ مبنى نموذجي لقصر العدل إن من الناحية الخارجية أو الداخلية (كربط الغرف)، واستكمال «الجزيرة القضائيّة» كبناء ملحق إضافي تابع لقصر عدل بيروت وغرف قضائيّة وملحق لوزارة العدل ومبنىً جديد لمجلس شورى الدولة، بالإضافة إلى استحداث قصور عدل جديدة،: 6 قصور عدل كبيرة موزّعة في مراكز المحافظات مع قصري صيدا وطرابلس. كما ينوي استحداث قصري عدل وسط واحد في الجديدة وآخر في جونية، و36 محكمة منفردة في مراكز الأقضية اللبنانيّة.
وبالرغم من أن «معاليه» يؤكّد أن الكلفة الإجماليّة لخطّة الإعمار هي حوالي الـ500 مليون دولار أميركي، إلا أنّه يدرك تماماً أنّ هناك صعوبة في تأمين هذا المبلغ. ومع ذلك يحضّر ريفي لمجموعة من الأفكار التي قد تسهّل عمليّة تحقيق «حلم التطوير»، ومنها أن يفتح الباب أمام المتمولين اللبنانيين للتبرّع، بالإضافة إلى رفع «قانون برنامج» (loi programme) حتى يستفيد لبنان من التبرعات الخارجيّة من الدول المانحة المهتمّة بتحسين هذا الجسم.