IMLebanon

الصواب والخطأ في حسابات الرئيس ترامب

 

تعاقب على البيت الأبيض ثلاثة عشر رئيسا منذ قيام كيان الاغتصاب الاسرائيلي على أرض فلسطين عام ١٩٤٨ في عهد هاري ترومان الرئيس ٣٣، والى يومنا هذا في عهد الرئيس الحالي دونالد ترامب الرئيس ٤٥. وبين هؤلاء رؤساء من فئة القادة التاريخيين أصحاب الرؤية وقد أحدثوا تحوّلا في التاريخ الأميركي، ومنهم ايزنهاور وكنيدي ونيكسون وريغان وبوش الأب. وما يجمع بين كل هؤلاء الرؤساء ال ١٣، هو دعمهم بلا حدود لاسرائيل بحسب متطلبات المرحلة في عهودهم. ولم يقدم أي من هؤلاء الرؤساء على الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل حصرا. ولم تكن المسألة قضية شجاعة كما يحاول ان يزعم الرئيس الحالي ترامب، بل كانت مسألة حسابات سياسية ومصالح وأسلوب في ادارة الصراع العربي – الاسرائيلي، والحرص – ولو في الظاهر – على أن تكون أميركا هي المرجعية التي يحتكم عندها الطرفان المتصارعان، والتحكّم بتوجيه دفّة الصراع على مرّ العقود.

 

***

الرئيس ترامب أدهش الأميركيين والعالم وحتى اسرائيل نفسها باقدامه على الاعتراف بالقدس عاصمة حصرية لاسرائيل! وهو لن يتردد اليوم بالاعتراف بالقوانين الاسرائيلية الجديدة ومنها ضمّ الضفة الغربية لاسرائيل والاعتراف لاحقا بيهودية الدولة! وتباينت التفسيرات على المستوى الدولي حول أسباب اقدام ترامب على هذه الخطوة المتهوّرة الى درجة الجنون! والدوافع هي أكبر بكثير من مجرّد ابنة للرئيس تدعى ايفانكا أغرمت بالشاب الملياردير اليهودي جاريد كوشنير واعتنقت اليهودية للزواج به. وكذلك هي أكثر من مجرّد صهر يهودي أوقع والد زوجته تحت سحره الخاص والذي يحمل صفة الرئيس الأميركي الخامس والأربعين! الجامع المشترك الحقيقي بين ترامب واسرائيل هو العنصرية بوجهيها الصهيوني والنازي! والحملة العنصرية الرئاسية هي التي حملت ترامب الى البيت الأبيض، وهي أوصلته مباشرة الى اسرائيل!

***

هذا هو الدافع المركزي والجيني بين الطرفين، ولكنه ليس الأوحد. والحسابات السياسية والمصالح على مكتب ترامب كانت تقرأ في مواقف الأنظمة في المنطقة حصرا، دون الأخذ في الاعتبار لأية مواقف أخرى على المستوى الدولي. وكانت هذه الحسابات تفيد بأن النظام الفلسطيني ممزّق ومشلّع وعاجز وبلا أفق. وبأن النظام العربي مفتّت ومنهار. وان بعض الأنظمة العربية في الجيب الأميركي – الاسرائيلي، وبعضها الآخر تمّ تدميره ولن ينهض الى عقود آتية! ولم تكن هذه الحسابات خاطئة باجمالها. والنظام الفلسطيني القائم لا يذهب أفقه الى أبعد من الاستجداء على أبواب المؤسسات الدولية التي كانت من أسباب البلاء وقيام اسرائيل. والنظام العربي لا يحتاج الى طول شرح! ولكن أين الخطأ في هذه الحسابات؟ هو حصرا في احتساب مواقف الأنظمة وليس نبض الشعوب. وتجنّبا للغرق في رومانسية التحليل، سننتظر ونتوقع ردّات أفعال الشعوب التي لا تأتي سريعا ودفعة واحدة، وانما هي مثل التسونامي الذي يسمع هديره من البعيد البعيد، قبل الوصول الى الشاطئ ويجرف معه الركام والنفايات وكل ما هو آيل للسقوط!