IMLebanon

الرد الموزون

قد يقال أنها رمية من غير رام زيارة الرئيس تمام سلام الى وزارة الدفاع أمس، وذلك للتخفيف من وقعها على من قرأوا فيها ما لا يسرّهم، بمعنى انها مقررة سابقاً، أو ان الصدفة لعبت دورها في توقيتها يوم أمس الخميس، إنما أياً كان التحليل والتفسير، فلا شيء يمكن أن يقلل من جرأة الخطوة، في زمن التردد واللاقرار.

أقل ما يمكن ان يقال في زيارة رئيس مجلس الوزراء، القائمقام رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة، أنها زيارة تضامن مع المؤسسة، ودعم لنائب رئيس الحكومة وزير الدفاع بوجه من استصمتوه فوصفوه، كما لقائد الجيش، الذي يريدون منه ان يقوم ليقعدوا مكانه، وفضلاً عن كل ذلك، أليس توقيتها في الموعد الأسبوعي لمجلس الوزراء المعلق الاجتماعات، بسبب فيتو وزراء التيار الوطني الحر وحلفائهم، على أي جلسة لا يتضمن جدول أعمالها تعيين قائد جديد للجيش؟

لقد راهن هؤلاء على حلم رئيس الحكومة، وبأنه لن يخوض اختبار ميثاقية جلسات مجلس الوزراء، لأن ليس من طبعه اعتماد سياسة كسر العظم، فقرروا عدم الاستقالة من الحكومة اذا لم يستجابوا، أو مقاطعة الجلسات، انما سيكتفون بتعطيل جدول الأعمال…

يعاني اللبنانيون، ممن عندما يفكّر لا يفعل، وعندما يفعل، يفعل من دون تفكير، المعاناة عينها مع الأعرج الذي يفرض على الناس، تعليمهم المشي المستقيم.

لقد تقاطعت زيارة سلام الى وزارة الدفاع مع تحفظ رئيس مجلس النواب نبيه بري على تعيين قائد للجيش قبل نهاية ولاية العماد قهوجي، وجاراه في موقفه هذا النائب وليد جنبلاط، بمواكبة من دعم أميركي بلغ حدّ حضور السفير دايفيد هيل مناورة للجيش بالأسلحة الأميركية الجديدة في بعلبك، ومع ذلك، استمر الحديث عن لاشرعية تأجيل التسريح، وبالتالي المطالبة بالتصحيح عبر التعيين، مع تأخير تنفيذ المرسوم الى ٢٢ أيلول، موعد انتهاء خدمة العماد قهوجي… أو اختصار الموقف بوضعه في تصرّف وزير الدفاع، استناداً الى سابقة العماد ابراهيم طنوس عام ١٩٨٣.

بالنسبة الى مبدأ تأجيل التسريح، استطاع النائب أحمد فتفت ان ينبش مرسوماً يحمل الرقم ٣٣٨٨ صادر في ٢٦ – ٦ – ١٩٨٦، وفيه يطلب قائد الجيش العماد ميشال عون تأجيل تسريح ١١ ضابطاً، عمداء وملازمين، لصالح الخدمة، فضلاً عن أن تأجيل تسريح العماد قهوجي واللواء سلمان والعميد فاضل لأول مرة، حصل برضى وقبول وزراء التكتل وحلفائه.

أما بالنسبة الى اصدار مرسوم التعيين وتعليق تنفيذه الى أيلول، فذلك حصل ما يشبهه على المستوى الوطني عام ١٩٧٦ عندما فرضت الظروف انتخاب الرئيس الياس سركيس قبل ستة أشهر من انتهاء ولاية الرئيس سليمان فرنجيه. وشتّان ما بين الحالتين.

يبقى تعيين قائد جديد، ووضع القائد الحالي جان قهوجي بتصرّف وزير الدفاع، فمثل هذا الاجراء حصل في الجيش عام ١٩٨٣، وتحديداً بعيد مؤتمر الحوار الوطني في لوزان، حيث اتفق المتحاورون، برعاية السعودية وسوريا، علي استبعاد قادة الأجهزة العسكرية والأمنية كمنطلق لتصحيح الأوضاع، فكان الاستغناء عن العماد ابراهيم طنوس في قيادة الجيش، ووضع بتصرف وزير الدفاع ليحل محلّه العماد ميشال عون، كما وضع بتصرف وزير الداخلية كل من القاضي هشام الشعار، المدير العام للأمن الداخلي، ومدير الأمن العام زاهي البستاني.

أما اليوم، أي وفاق وطني وراء المطالبة بوضع العماد قهوجي بالتصرف؟ بل أي وفاق بين أقطاب الثامن من آذار حول هذا الطرح البائس؟

رئيس مجلس النواب نبيه بري يرفض المسّ بموقع قائد الجيش قبل انتهاء الولاية في النصف الثاني من أيلول، وعندما يرفع الرئيس بري الصوت بالرفض، يصبح همس حزب الله في هذه المسألة مسموعاً. أما النائب سليمان فرنجيه فهو واضح علي هذا الصعيد، انه مع تعيين القائد بالتوافق، ومع تأخير التسريح من الخدمة طالما بقي التعيين متعذراً…

مختلف الأطراف في ٨ و١٤ آذار يدركون، بأن رئاسة الجمهورية هي العقدة في منشار الحكومة، كما هي في منشار مجلس النواب، وبالتالي ان العماد عون يصوّب على قيادة الجيش ليصيب رئاسة الجمهورية، لكن فريق ١٤ آذار لا يراه رامياً في السياسة، كما كان رامياً في سلاح المدفعية، لذلك أخطأ الهدف وما زال، وطالما انه يستخدم في رماياته قذائف مشكوكة الفعالية…