Site icon IMLebanon

في صواب القول..

 

لم يخطئ وزير الخارجية السعودي عادل الجبير التشخيص والتصويب والتوصيف بقوله إن إيران هي مصدر الخطر الأكبر على المنطقة بسبب أدوارها في لبنان واليمن وسوريا.. بل هو قال ما يجب أن يُقال في ذروة التهتّك والبلايا التي أصابت العرب والمسلمين، وضربت فيهم ما عجزت إسرائيل عن ضربه على مدى تاريخها.

 

وليس ذلك الكلام وليد اشتباك سياسي راهن. ولا من ضرورات تعبئة المدافع البلاغية، وتذخير وجهات نظر خاصة، وتعليل الموقف الذاتي، بقدر ما هو بالمعنى العام، توصيف دقيق يمكن أي مراقب محايد ولو كان في الصين، أو جنوب أفريقيا أو الأرجنتين، أو فنلندا، أن يعتمده ويبقى موضوعياً، ولا يخالف أصول القياس والعلم والضرورات الحتمية في عالم اليوم لاحترام ذكاء المتلقّي والسامع والقاشع تبعاً لرحابة المعلومات وغزارتها وسهولة الوصول إليها، وتنامي القدرة في خلاصة المآل، على إطلاق الحكم الصحّ وتقديم حيثياته بوضوح آسر!

 

قيل سابقاً ويُقال راهناً، وسيبقى يُقال حتى تغيير الحال، إن المجموع العربي والإسلامي في موقع المتلقّي والمستهدَف، وإيران في موقع المبادِر والهاجِم والطاحِش والمستهدِف. وإن التوليفة المعتمدة لتسويق ذلك الضَيم، لم تعد ذا نفع تام حتى لبعض أهلها والمحسوبين عليها.. وليست صيحات المتظاهرين الإيرانيين الأخيرة سوى رجع الصدى لتلك الخلاصة. وهذه بدورها ما كانت ممكنة ومسموعة ومتفجّرة علناً في الشوارع والساحات وإن لُجِمَتْ، لو لم ترفدها أصوات ثقيلة ومؤثرة وكبيرة من أهل النظام في طهران وصفوته ونخبته ومواقع القرار فيه.

 

ومجمل هؤلاء تميّزوا في مواقع السلطة وقبل الشارع، في اعتبار النهج المتّبع تحت راية «ولاية الفقيه» مولّد أزمات ونكبات وليس العكس: في الداخل المبتلي بتصدّعات خطيرة تبعاً (وبدايةً) لافتراض صاحب القرار في نفسه قدرة منسلّة من أبعاد فوق بشرية، وما يعنيه ذلك في كل مجال حياتي ومماتي قائم في الزمان الإيراني (وغير الإيراني!) الراهن.. وفي الخارج المبتلي بالنزوع الجامح لتصدير وصفة الفشل تلك واعتماد سقوف عالية في ذلك السبيل، حتى لو كانت هذه من نوع «الفتنة» الأثيرة إيّاها! أو تكتيكات الأطر المسلّحة، الحزبية المعلنة والخلايا المضمرة! أو تصديع المجتمعات الأهلية بخطاب الفصل بين «المقاوم» والمساوم«! والكيانات النظامية بالتخريب فيها وعليها وإخضاعها لضخّ مؤدلج، كيدي وسافر، يربط بين وطنيّتها وحرصها على سيادة بلادها واستقرار بُناها الأهلية والبشرية وبين غايات وتآمرات تبدأ عند الصهاينة ولا تنتهي عند الأميركيين!

 

ووحدها المنظومة الإيرانية تلك، تتجرّأ على إهانة بديهيات الدين والدنيا عندما تعتبر النظم السيادية الوطنية شيئاً من الخيانة! والوعي المكين بمخاطر المشروع الإيراني شيئاً من الوعي الشيطاني العميل! والتصدي لمحاولات المسّ بسيادتها واستقرارها وأمنها القومي، شيئاً من التبعيّة لـِ»أعداء الأمّة«وفعلاً من أفعال دعم»قوى الاستكبار«والاحتلال!

 

وهي ذاتها تلك المنظومة الفاشلة، في أساسها وبين أهلها، تعتبر النظم العربية الخليجية الناجحة بلاءً! وعدوّاً! وموضوعاً للتهجّم والكيد، والسفور في الإثنين! فيما تعتبر من دمّر بلاده بيده واستباحها ونكَبَ أهلها، حليفاً ترخص من أجله الأموال والأرواح والقيم والمثل ومكارم الأخلاق من صنعاء وبني حوث إلى دمشق واللاذقية وآل الأسد وما بين الكيانين والبلاءين والنّهرَين وبحري قزوين والأبيض المتوسط!

 

لا يسرّ الخاطر القول ولكن يجب أن يُقال، مجدّداً وكلّما اقتضى الحال: هنيئاً لإسرائيل بـ»أعدائها الممانعين”!

 

علي نون