IMLebanon

طلوع ونزول

 

يبدأ مجلس الوزراء، اليوم، دراسة موازنة العام 2020. وهي بادرة طيبة نود أن  ننوّه بها، على أمل أن تكون العودة الى الأصول القانونية قاعدة، فلا نبقى في الشواذ الذي امتد سنوات طوالاً وأدى الى التعامل مع هذه الخطوة الدستورية الأساسية وكأن الموازنة مجرّد شكليات لا جدوى منها.

 

في أي حال ليست الموازنة وحدها ما تناسيناه،  في زمن الرداءة الذي عشنا فيه في مرحلة ما بعد الحرب. الزمن الذي انقلبت فيه المقاييس، وتبدّلت الموازين، وسقطت المعايير…

 

فبتنا كأننا دولة هجينة لا أنظمة لها ولا قوانين ولا دستور.

 

وبات كلّ من القيادات الخمس أو الست فاتحاً دويلة على حسابه، يلتقي واحداً أو اثنين  أو أكثر من رؤوس الدويلات الأخرى… عندما يتفقون «على المواطن وعندما يختلفون يسيئون الى هذا المواطن اللبناني المكنوب بهم والذي جعلوا منه مشروع مهاجر، في سباق مستدام مع تكاليف الحياة القاسية، يلهث وراء الفُرَص فإذا بها سراب، يده على قلبه خوفاً من «طلوع» الدولار، وطلوع الأسعار، وطلوع الأقساط المدرسية، وطلوع ضغط الدم، وطلوع الروح من طلوع الوجوه الهجينة التي تطرّز شاشات التلفزة… وفي المقابل نزول مستوى الحياة الاجتماعية، ونزول المجهولين بالباراشوت أولياءً للأمر وزراء ونواباً ومنظّرين ومدراء ومسؤولين كباراً  و…

 

أجل! ليست الموازنة وحدها ما تناسينا… بل نسينا وتناسينا أننا  كنّا وطناً فريداً بين الأوطان في هذه المنطقة المأزومة من العالم.

 

نسينا أننا كنّا بلد التفوق. بلد  الازدهار. بلد الدخل الفردي الأعلى بين سائر بلدان المنطقة بما فيها تلك المنتجة  النفط.

 

نسينا أننا كان عندنا أهم مطار في المنطقة فصار مطارنا يضيق حتى بالهاربين من ضائقة العيش. وأننا كنّا مدرسة المنطقة فبتنا عاجزين عن تعليم أولادنا. وأننا كنّا نورّد الكهرباء الى سوريا (خصوصاً في أيام معرض دمشق الدولي) فصرنا نشتري التيار الكهربائي من البواخر ومن مافيات المولدّات. كنا… حدّث ولا حرج!

 

ونريد، مع ذلك أن نتفاءل. نريد أن نصّدق أنّ هناك تصميماً جدّياً على العودة الى الأصول. على وضع الأمور في نصابها. على المضي في التدابير ليس فقط تحت ضغط مجموعة «سيدر»، ولا تحت ضغط مؤسّسات التصنيف الدولية.

 

ونريد أن نأخذ بتفاؤل الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري. لأنه «ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل».