مضى نحو عام على توقيع ايران ومجموعة دول 5+1 الاتفاق النووي الموقت. وخلال هذه الفترة استمرت المفاوضات بين الطرفين توصلاً الى اتفاق دائم على البرنامج النووي الايراني يشمل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران وما سيليه من نتائج جيوسياسية تمليها اعادة العلاقات الطبيعية بين ايران والغرب وخصوصا الولايات المتحدة.
واستناداً الى التوقعات المتواترة، ثمة صعوبة في التوصل الى اتفاق نهائي في الموعد المستهدف في 24 تشرين الثاني الجاري، لكن ذلك لا يعني بالضرورة عودة الامور مع ايران الى الوراء. فالاتصالات الاميركية – الايرانية المباشرة لم تعد من المحرمات وبات من مصلحة طهران وواشنطن البناء عليها لتسوية القضايا العالقة بين الجانبين، من المشكلة النووية الى القضايا الاقليمية وفي مقدمها مواجهة تنظيم “الدولة الاسلامية” (داعش). والمراسلات بين الرئيس الاميركي باراك اوباما وايران اكبر دليل على ان الحوار الاميركي – الايراني يمضي قدما على رغم عدم تحقيق اختراق في اي من المسائل التي تثير خلافاً.
وهذا مؤشر اضافي لعدم كون موعد 24 تشرين الثاني تاريخا فاصلا بين مرحلتين،ولكون عدم التوصل الى الاتفاق النووي النهائي حتى هذا التاريخ لا يعني ان الامور بين ايران واميركا ستعود الى المربع الاول، حتى لو فاز الجمهوريون بالغالبية في مجلسي الكونغرس وشكلوا عامل ضغط على أوباما كي يقطع الحوار مع ايران ويعود الى فرض مزيد من العقوبات على طهران أو التلويح بالخيارات العسكرية وفق ما يشتهي رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.
فالوضع الناشئ في المنطقة اليوم والزحف الجهادي الذي يشكل تهديدا وجوديا لدولها وخطرا ماثلا على الغرب، يجعل من الترف العودة الى خيار الضغط على ايران، لأن من شأن ذلك ادخال المنطقة في خيارات غير محسوبة.
وليس مصادفة ان يتحرك المبعوث الخاص للامم المتحدة الى سوريا ستيفان دو ميستورا ضمن المساحة التي يتيحها التفاهم الاميركي – الايراني العام وعدم ذهاب الائتلاف الدولي في اتجاه توجيه ضربات عسكرية الى الجيش السوري كما تطالب به تركيا وبعض دول الخليج العربي.
وعلى رغم ان 24 تشرين الثاني ليس “موعداً مقدساً” على حد تعبير الديبلوماسية الروسية، فان التوصل الى اختراق بحلول هذا الموعد، سيكون مؤشراً لحقبة جديدة في النظام العالمي والعلاقات الدولية. وحتى في حال عدم التوصل الى اتفاق، فإن التاريخ لن يعود القهقرى في العلاقات الاميركية – الايرانية، لأن ثمة خطرا في المنطقة قد يوازي أو يفوق الخطر النووي.