الهجوم الصاعق المنسق الذي شنه مقاتلون يتماهون مع تنظيم “داعش” في شبه جزيرة سيناء على 15 موقعاً للجيش المصري، والمواجهات العسكرية الضارية الدائرة بالقرب من الحدود المصرية – الإسرائيلية فتحت أعين إسرائيل على ضخامة الخطر الذي يشكله هذا التنظيم عليها من الحدود المصرية – الإسرائيلية، خصوصاً أن هذا ترافق مع تمدد التنظيمات الجهادية في هضبة الجولان السوري والمواجهات التي حصلت هناك وتضامن دروز إسرائيل مع اخوانهم في الجولان السوري، ومطالبتهم إسرائيل بالتدخل لحمايتهم. وقد ادت هذه التطورات المتسارعة الى عملية اعادة نظر في المخاطر الامنية التي تتهدد الدولة العبرية والى طرح السؤال الآتي: هل اصبح خطر “داعش” على إسرائيل اكبر من الخطر الإيراني؟
الى وقت قريب كانت التقديرات الإسرائيلية التي تستند اليها الاستراتيجية الإسرائيلية تفيد ان الخطر الاكبر والمباشر على إسرائيل في المرحلة الحاضرة بعد تفكك الجيشين العربيين النظاميين في العراق وسوريا، هو الخطر الإيراني وخصوصاً في ضوء سعي إيران الى امتلاك السلاح النووي وعدائها الكبير لإسرائيل وصعود نفوذها السياسي والعسكري في المنطقة.
لكن الهجمات العسكرية التي شنها تنظيم “داعش” في الفترة الاخيرة في أكثر من مكان فتحت اعين الإسرائيليين على المهارة العسكرية الفائقة التي يظهرها التنظيم في عملياته وقدرته على خوض مواجهات هي مزيج من حرب العصابات والاشتباكات العسكرية التقليدية معتمداً على عنصر المفاجأة كي يشل قدرة الخصم، وعلى معلوماته الاستخبارية في تحديد الاهداف، وقدراته العسكرية في استخدام وسائل قتالية متعددة من الهجمات الانتحارية الى الصواريخ المتطورة. كل ذلك يضع الجيش الإسرائيلي أمام واقع عسكري جديد آخذ في التبلور على الحدود مع مصر وسوريا، ويجعل انزلاق المواجهات الى داخل الاراضي الإسرائيلية وارداً في أي وقت.
تشكل سيطرة تنظيم اصولي لا- دولتي مثل “داعش” وتنظيمات جهادية أخرى تدور في فلكه في المناطق المحاذية لإسرائيل تحدياً جديداً للجيش الإسرائيلي وتغييراً لقواعد اللعبة القديمة. فلم يعد الخطر مصدره دولة مثل إيران تلتزم على رغم كل شيء قيوداً وقواعد معينة، بل تنظيم لا يردعه شيء وثبت عملياً استحالة القضاء عليه عسكرياً.
في مواجهة هذا الواقع الجديد، تسعى إسرائيل الى وضع استراتيجية جديدة لمواجهة خطر “داعش” الاتي من مصر وسوريا واعتماد مقاربة عملية للوضع الجديد الناشىء على الحدود، مثل اقامة منطقة امنية على الحدود مع سوريا بالتعاون مع القوى المحلية مثل الدروز والجيش الحر لجبه تمدد الدولة الإسلامية في اتجاه حدودها، والتعاون العسكري الوطيد مع السلطات المصرية في سيناء.