IMLebanon

مخاطر «مزج» الدم الإيراني بالسوري واللبناني

 

بفجاجة وعلى ألسنة كبار من قياداتها كشفت إيران عن توظيفها ساحات عربية، من العراق الى سوريا الى لبنان في خدمة مصالح ملفها النووي ولفرض نفوذ إقليمي يمدّ فعالياتها الى حدود إسرائيل، مستفيدة من تفاقم الإرهاب السني الذي ساعدت عملياً في تطوره عبر تغلغل أدواتها في هذه الدول ومساندتها لأنظمة تقمع مواطنيها أو غالبيتهم مثل العراق وسوريا.

فقد أعطى مرشد الثورة آية الله علي خامنئي «الاذن لمجموعات من الشباب الإيراني للقتال الى جانب اخوتهم العراقيين والسوريين واللبنانيين» كما أعلن قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري. ويشكل مجرد الإعلان خطوة متقدمة على طريق مصادرة إيران لإرادات شعوب هذه الدول وفق مراقب لبناني مخضرم. وهو يذكّر بما سبق للأمين العام لـ«حزب الله« حسن نصر الله أن تناوله الأسبوع الماضي عندما تطرق الى «تمازج الدم» الإيراني واللبناني على أرض سوريا في إشارة الى الغارة الإسرائيلية التي حصدت جنرالاً إيرانياً رفيعاً وستة من كبار كادرات الحزب. كما أشار نصر الله حينها الى فتح الساحات على بعضها بما يصبّ في مسعى إيران لتوحيد الجبهة اللبنانية والسورية في مواجهة إسرائيل للحؤول، وفق تحليلاتها، دون نجاح الدولة العبرية في فرض شريط حدودي على جبهة الجولان خاضع لسيطرة «جبهة النصرة» كما كان عليه سابقاً الشريط الحدودي في جنوب لبنان والذي دام عقوداً ولم تتم إزالته إلا مع انسحاب إسرائيل عام 2000. وفي الإطار نفسه لا يستبعد سياسي يدور في فلك أنصار النظام الأسدي أن يكون تنظيم «داعش» قد حظيت بدعم إسرائيلي لتنفيذ هجماته الدموية على الجيش المصري في سيناء.

ولا تصطدم عملياً المساعي الإيرانية بالرغبات الإسرائيلية لأن المنطقة، وفق المراقب المخضرم، تحكمها حالياً ثنائية إيران وأدواتها من جهة وإسرائيل من جهة أخرى. فإسرائيل تحتاج الى إيران وفزاعة ملفها النووي لتعزيز تماسكها الداخلي، والجمهورية الإسلامية تحتاج الى إسرائيل للاستمرار في ابتزاز العرب عبر مصادرتها لقضية فلسطين.

وقد ساعد تفاقم الإرهاب الداعشي الطرفين في مخططاتهما رغم فشل التنظيمات المتطرفة، التي تدعي قتال إيران وأدواتها من النظام الأسدي الى التنظيمات العراقية الشيعية الى «حزب الله» في إيجاد بيئة حاضنة. فمحاربة الإرهاب «العلماني« (الأسدي) لا تكون عبر إرهاب سني والذي لا يبرره قتال الإرهاب الشيعي، فجميعهم وفق المراقب المخضرم وجوه لعملة واحدة ويغذي واحدهم الآخر..

ويخشى المراقب المخضرم من أن تتآكل فؤائد الحوار بين «تيار المستقبل» و»حزب الله» مع تفاقم الأوضاع، خصوصاً في ظل تشبث الحزب بعدم تقديم أي خطوة تساهم فعلياً في تنفيس الاحتقان، فيما تتراكم التقديمات في سجل «تيار المستقبل»، إذ من الصعوبة بمكان إقدام أي طرف على التنصل من الحوار حتى وإن تدنت بنوده من المطالبة ببيروت منزوعة السلاح مثلاً الى بيروت منزوعة الصور والملصقات المستفزة. ويعزو المصدر نجاح لبنان، حتى الآن، في صدّ لفح النيران الإقليمية الى سببين أساسيين، أولهما نضج لبناني وقرب ذاكرة الحرب الأهلية من عقول المواطنين، وثانيهما قرار دولي إقليمي ظهر جلياً في تماسك الجيش وفي الحفاظ على القطاع المصرفي باعتباره عاملاً أساسياً في لحمة اللبنانيين.

وقد دفعت التطورات الإقليمية بالهم اللبناني الأساسي، الفراغ في الرئاسة الأولى، الى مواقع خلفية، إن بالنسبة الى الخارج، وهو ما تجلى في الموقف الفرنسي، أو حتى بالنسبة الى الداخل حيث تقدمت هموم يومية مستجدة من أزمة الكازينو الى الحوض الرابع الى النفايات.

ففرنسا التي قام موفدها الرئاسي فرانسوا جيرو بزيارة سابقة لبيروت للدفع باتجاه إنجاز هذا الاستحقاق، عاد مؤخراً خالي اليدين. ويذكّر سياسي لبناني التقاه أمس أن الزيارة الأولى أتت بناء على إشارة ايجابية من إيران لحل أزمة الفراغ الرئاسي، لكن جيرو في زيارته الحالية يوحي بأن الإشارة الإيرانية خفتت وأن هدفه الإبلاغ بانسحابه من الملف.