IMLebanon

هل يلاقي سلامة التراجع في الهجمة عليه بخطاب تقني؟

 

 

يطل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اليوم في سياق كلمة مسجلة مسبقاً للإجابة على كل التساؤلات وسرد الارقام التي اتهم بحجبها عن الحكومة ورئيسها. وسيعرض في حديثه للأسباب التي أدت الى تدهور الوضعين المالي والنقدي، والتي كان من ضمنها إقرار سلسلة الرتب والرواتب، حسبما يعتقد.

 

أكثر من جهة عملت خلال اليومين الماضيين على تنفيس الاحتقان السياسي تجاه سلامة، ولوحظ ان الجميع تراجع خطوة او خطوات الى الوراء مبدياً الحرص على تبريد الاجواء، وكان لافتاً في هذا السياق نفي رئيس الحكومة حسان دياب عبر مصادره أن “يكون طرح استقالة سلامة”، وحديث نائب الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم أن “حاكم مصرف لبنان يتحمل مسؤولية ما وصلنا إليه لكن ليس لوحده”، وبالتالي فإن السؤال في ضوء محاولات لملمة قضية الاستقالة، هل يلاقي سلامة التراجع في الهجمة عليه بخطاب تقني ويفرمل مطلب السياسيين بإقالته؟

 

وفق المعلومات التي توافرت عن حركة الاتصالات فالارجح أن القضية أقفلت او هي ستقفل على قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”. بحيث يتم تراجع مطلب الاقالة مقابل ان يعلن سلامة اليوم مجموعة أرقام توضيحية، يصدر بعدها سلسلة تعاميم تسهم في تنفيس الاحتقان الشعبي ضد المصارف. ومن الخطوات ايضاً تلك التي بحثها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم مع الحاكم المركزي، والتي تركزت في بعض جوانبها على الإجراءات الكفيلة بتطبيق القانون ومراقبة عمل الصرافين وتهدئة السوق.

 

بالموازاة برز موقف متقدم لـ”حزب الله” وضع الأمور في نصابها الصحيح لناحية حصر مسألة إقالة سلامة في مجلس الوزراء، وتحميله مسؤولية ما وصلنا اليه لكن ليس وحده.

 

وتقول اوساط مطلعة ان ما قاله الشيخ نعيم قاسم يندرج في سياق اعتبار “حزب الله”، ان “سلامة هو شريك أساسي في السياسات المعتمدة منذ العام 1992، مع كل ما جرى من استدانة في الدولة وتدني سعر الليرة وارتفاع الفوائد والهندسات المالية، انما ليس لوحده بل كل الطبقة السياسية والحكومات التي تعاقبت ووزراء المال”.

 

وحول حقيقة موقف “حزب الله” من إقالة سلامة، أوضحت الاوساط ان “رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة فاتحا “حزب الله” في أمر إقالة سلامة ووافق، غير ان موضوع الاقالة اصطدم بغياب التوافق السياسي بشأنه فتم وأد الفكرة. وحين طُرح على رئيس مجلس النواب كانت اجابته ان الاقالة تفترض وجود السبب القانوني، واذا اردتم استعينوا بشركة للتدقيق في حسابات المصرف المركزي”.

 

يعلّل الموافقون ان “السبب الذي دفع الحكومة الى مطلبها هذا هو رفض سلامة تسليم الارقام الحقيقية لمالية الدولة، ولو كان تجاوب مع دياب لما فكر احد في طرح مسألة إقالته، خصوصاً أن الاخير يدرك الصعوبات التي حالت دون تعيين اربعة نواب للحاكم، فكيف حين يتصل الامر بتعيين حاكم للمصرف المركزي”. تؤكد اوساط “حزب الله” ان “إقالة سلامة لم تطرح بشكلها الرسمي، وكل ما حصل هو عملية استمزاج آراء داخل الحكومة ارادها رئيس الجمهورية ما فسره البعض على انه طرح على التصويت”.

 

كان مجرد طرح إقالة سلامة كفيل بإشعال توترات سياسية إرتفعت في ظلها لهجة رئيس الحزب “الاشتراكي” وليد جنبلاط تجاه الحكومة، وكذلك فعل رئيس حزب “القوات” اللبنانية ولو بوطأة أخف، على اعتبار ان الرجل وخلال الفترة التي بنى الآخرون سلطتهم المالية وشاركوا في اقتسام مخصصات البلد في ما بينهم كان في السجن. شكلت الهجمة على سلامة مدخلاً لخصوم الحكومة للإيحاء ان جبهتهم القديمة تعود تدريجياً، وهو “احتمال مستبعد في الوقت الحاضر”. إذ يعتقد “حزب الله” ان “كل الضجة المثارة يعزى سببها أن من كانوا شركاء لسلامة ويتحملون مسؤولية في هدر اموال الدولة ونهبها، لا يريدون للفريق السياسي الحالي ان يفتح ملفات ويفضح أرقاماً”.

 

لا يختلف طرفان على تراكم اخطاء سلامة لكن الخطأ قوبل بخطأ أعم وأكبر من قبل الحكومة ورئيسها بطريقة المخاطبة، التي كان يمكن ان تختصر بكتاب يوجّه الى سلامة يطلب خلاله ما تريد الحكومة الاطلاع عليه، ما خلّف انطباعاً لدى المقربين من الحاكم ان دياب ربما تكون لهجته تجاه الحاكم متأثرة بلغة بعض المستشارين، ممن لا يحملون الود لسلامة ورغبة رئيس “التيار الوطني الحر” بإقالته.

 

قد تكون عاصفة إقالة سلامة طويت او تراجعت مبدئياً لكن هذا لا يلغي الحقيقة الوحيدة، وهي ان الرجل انتهى سياسياً ولم يعد امامه سوى لملمة ما تبقى من ولايته. وطالما ان إقالته محالة قانوناً فإنه إما يُقدم على الاستقالة من تلقاء ذاته وإلا فهو سيستمر حكماً في عمله كموظف كبير في الدولة، إلى حين يتوافر ذاك التوافق السياسي على مصير الرجل.