Site icon IMLebanon

فرنسا بدلت رأيها برياض سلامة… وهو «مُرتاح الضمير» .. مُقرّبون منه «طالبوه بالبقاء»!

 

شكل اسم «رياض سلامة» حاكم مصرف لبنان الشغل الشاغل للبنانيين في الاونة الاخيرة، قيل الكثير في الرجل الذي استلم زمام «الحكم المركزي» منذ 27 عاما، منهم من اعتبره «الحاكم الاقوى» الذي نجح على مدى سنوات مضت بفرض سياسة نقدية كان نجمها استقرار سعر صرف الليرة مقابل الدولار حتى في عز الازمات ومنها حرب تموز، ومن تمكن من حصد لقب أفضل حكام البنوك المركزية في العالم.

 

ومنهم وهم كثر كثر هاجموا الحاكم لحد الاضطهاد فانهالوا عليه محملين اياه مسؤولية ما وصل اليه لبنان من انهيار ووضع مالي واقتصادي كارثي واصفين اياه «بالحاكم بامره» و«الدولة الاكبر من الدولة!».

 

ولكن الحق مع «مين»؟ هل يتحمل رياض سلامة وحده مسؤولية 30 عاما مضت من غياب سياسات اقتصادية واضحة؟ ام انه شريك مع المنظومة السياسة «الفاسدة» ؟ او ان الرجل الهادئ حد البرودة حتى في عز الهجوم عليه، والذي يخبئ وراء هدوئه ذكاء حاداً وصفه حتى اخصامه «بالداهية»، كان يقوم بما تمليه عليه القوانين اللبنانية ومنها قانون النقد والتسليف وينفذ ما يطلبه السياسيون رغم تحذيراته المتكررة؟

 

على هذه الاسئلة، ترد مصادر رفيعة مطلعة على جو حاكم مصرف لبنان عبر الديار بالقول: «سلامة قام بكل ما كان يطلب منه سابقا وحذر مرارا المسؤولين مما يمكن ان تصل اليه البلاد وهو الان يردد امام زواره انه شخصيا «مرتاح الضمير».

 

ولكن لم كان الحاكم يخرج في كل مناسبة ليطمئن الى ان سعر الليرة بخير وهو لم يكن كذلك، ولم لم يعمد لمصارحة اللبنانيين بذلك، نسال المصادر فتشير الى ان حاكم اي مركزي في العالم لا يمكنه ان يخرج بهكذا تصريحات حتى لو كانت البلاد في عز انهيارها، وتعطي في هذا الاطار مثالا عما حصل في الازمة المالية العالمية عام 2008 سائلة: هل سمعتم رئيس الاحتياطي الفدرالي خرج ليطلق تحذيرات ويهول على المواطنين؟ علما ان سلامة، بحسب المصادر ذاتها كان يحذر كل مسؤول يلتقيه من رئيس الجمهورية الى رئيس الحكومة الى اصغر نائب، لاية جهة سياسية انتمت، مما سنصل اليه ويحدّثه بالارقام عما لا يزال المركزي يملكه بهدف التصرف به.

 

المصادر ذاتها تقول: «نعم الليرة كانت بخير ومن اصل 27 سنة قضاها الحاكم في مصرف لبنان، هناك 23 عاما كان المواطنون يعمدون الى القيام بعمليات تحويل من الدولار لليرة وبالتالي كان مصرف لبنان يشتري الدولار انذاك.اما في الاونة الاخيرة، انقلبت الامور، فكيف للحاكم ان يدرك مثلا ان ثورة ما ستشتعل وان الحكومة ستقرر وقف دفع سندات اليوروبوندز وهذا هو الخطأ الكبير الذي ارتكبته واساس ما وصلنا اليه من انهيار اليوم، وكيف له ان يتنبأ بجائحة كورونا، كل هذا دفع بسعر الليرة للتدهور مقابل الدولار.

 

نكمل في حديثنا مع المصادر الرفيعة فنقول لها: اذا كان حاكم مصرف لبنان متكلا على الاصلاحات التي كان يعد بها المسؤولون السياسيون فلم اكمل بسياسة اقراض الدولة ولم يقف بوجه الجميع صارخا: «لم اعد استطيع الاستمرار بهذه السياسة؟ ولاسيما هناك من يقول ان المركزي غير مجبر على اقراض الدولة؟ فترد سريعا: ومن قال ان مصرف غير مجبر ان يقرض الدولة متى طلبت سائلة :هل تعلمون علام تنص المادة 91 من قانون النقد والتسليف وكذلك المادة96 منه؟ شارحة حرفية المادة 91 والتي تقول: «في ظروف استثنائية الخطورة او في حالات الضرورة القصوى، اذا ما ارتأت الحكومة الاستقراض من المصرف المركزي. تحيط حاكم المصرف علما بذلك».

 

يدرس المصرف مع الحكومة امكانية استبدال مساعدته بوسائل اخرى، كاصدار قرض داخلي او عقد قرض خارجي او اجراء توفيرات في بعض بنود النفقات الاخرى او ايجاد موارد ضرائب جديدة الخ…

 

وفقط في الحالة التي يثبت فيها انه لا يوجد اي حل اخر، واذا ما اصرت الحكومة، مع ذلك، على طلبها، يمكن المصرف المركزي ان يمنح القرض المطلوب»..

 

وتنطلق المصادر مما انطلق اعلاه لتقول: «من يقول عكس ذلك فهو غير عالم بالقوانين» لتضيف: «طالما رفض حاكم مصرف لبنان تنفيذ قرارات اقراض تطلب منه الا ان الغلبة كانت دوما للسياسة اذ يعود السياسيون ويجبروه على الالتزام بما يطلب منه كما تشير المصادر الى ان الجميع كان يصوت على ذلك في مجلس النواب!»

 

وتستطرد هنا المصادر المطلعة على جو سلامة، فتعطي مثالا عن سلسلة الرتب والرواتب التي وقف وحده حاكم مصرف لبنان محذرا منها، حتى ان المصادر الرفيعة تكشف ان سلامة حذر جميع السياسيين من مغبة الموافقة على السلسة، وتداعياتها الاقتصادية واجتمع بالرؤساء وممثلي الاحزاب والنواب الا ان الجميع، حتى بمن فيهم التيار الذي كان معارضا لها عاد ووافق عليها لاهداف انتخابية قبيل انتخابات الـ 2018.

 

عن الجو الفرنسي المتناقض تجاه رياض سلامة بعدما كان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تحدث عن ضرورة تغيير ادارة المركزي ثم عاد ليبدل رايه بعدما اتضحت له الصورة بحقيقتها، سالنا المصادر المقربة من سلامة فكشفت الاخيرة بان هناك جوين في فرنسا الاول داعم لسلامة والثاني محرض عليه لكن بالنهاية يبدو ان الفرنسيين ايقنوا الحقيقة كما هي، بما معناه ان فرنسا بدلت رايها ايجابا تجاه حاكم مصرف لبنان، اقله حتى اللحظة.

 

لا يمكن للحديث عن حاكم مصرف لبنان ان يمر من دون السؤال عن اسباب تغيبه عن جلسة الاستماع اليه في ملف الدولار المدعوم والتي كانت مقررة الخميس، هنا تؤكد المصادر المقربة من سلامة بان الاخير يحترم القضاء لكن لا يمكنه ان يحضر لاسباب امنية ولاسيما ان الموعد الذي حدد له اعلن عبر الاعلام.

 

نختم حديثنا مع المصادر المقربة من حاكم مصرف لبنان بالسؤال التالي: «لم لم يستقل الحاكم؟»

 

فتختم بالرد قائلة: عندها يكون قد تهرب من مسؤولياته «وبتخرب البلاد اكتر واكتر»، مذكرة بان الجميع مدد لسلامة ولاية جديدة حتى ان رئيس الجمهورية ميشال عون عندما اجتمع بسلامة قبيل التمديد قال له، بحسب المصادر، ما حرفيته: «بدي ياك وما بدي فشّل عهدي باولو فهل يرفض سلامة ساعتئذ البقاء؟»

 

هذا غيض من فيض ما لا يعمله كثر ممن ينظّرون في الاقتصاد والمال ويرمون التهم جزافا، من دون ان يدركوا حتى ماذا تعني كلمة «هندسات مالية»، قام بها الحاكم لادخال الدولارات الى البلاد، تقول المصادر لتختم بالقول: «عندما يطلع هؤلاء على حقيقة الامور فليحكموا بعدها وليجيبوا على السؤال الذي طرحته في اول المقال: «الحق على مين»…».